Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 32, Ayat: 19-21)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
بل { أَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بوحدانية الحق { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } المأمورة لهم على وجهها ، مع كونهم مخلصين فيها ، خاشعين خاضعين { فَلَهُمْ } في النشأة الأخرى بعدما انقرضوا عن دار الدنيا { جَنَّاتُ ٱلْمَأْوَىٰ } أي : المتنزهات المعدة لأهل الإيمان والقبول تأوي إليها نفوسهم على الرغبة الكاملة والطوع التام ؛ ليكون { نُزُلاً } لهم ؛ أي : منزلاً يسكنون فيه ، ويستريحون فيها { بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ السجدة : 19 ] أي : بمقابلة ما يرتكبون من حمل المتاعب والمشاق ف يطريق الطاعات والعبادات . { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ } أي : تركوا الإيمان بالله ، وخرجوا عن مقتضى الأوامر والنواهي الموردة في كتبه وعلى ألسنة رسله { فَمَأْوَاهُمُ } أي : مرجعهم ومثواهم في النشأة الأخرى { ٱلنَّارُ } المعدة لأهل الشقاوة الأزلية ، هم يها خالدون مخلدون ، مؤبدون لا نجاة لهم أصلاً ، بل { كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ } وأملوا { أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ } أمهلهم الخزنة إلى أن يصلوا إلى شفيرنا ، ثمَّ بعد ذلك { أُعِيدُواْ فِيهَا } زجراً وقهراً تاماً مهانين صاغرين { وَقِيلَ لَهُمْ } أي : الزبانية الموكلون عليهم بإلهما الله إياهم : { ذُوقُواْ } أيها المنكرون المصرون { عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } [ السجدة : 20 ] حين أخبركم الرسل والكتب ، وأنذروكم به . ثمَّ أشار سبحانه إلى رداءة فطنة أصحاب الضلال ، وخبث طينتهم فقال على سبيل المبالغة والتأكيد : { وَ } الله { لَنُذِيقَنَّهُمْ } ونصبّنَّ عليهم في دار الابتلاء { مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ } الأنزل الأسهل من القحط والطاعون والوباء ، والقتل والسبي والزلزلة ، وأنواع المحن والبليات التي هي أدنى وأسهل بمراحل { دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ } أي : عند عذاب الآخرة الذي هو في غاية الشدة ، ونهاية الألم والفظاعة ، وإما أخذناهم بها { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [ السجدة : 21 ] مما هم عليه من الكفر والشقاق ، ويتفطنون منها إلى كما قدرتنا واقتدارنا على أضعافها وآلافها ، ومع ذلك لم يتفطنوا ولم يرجعوا عن غيهم وضلالهم ، بل أصروا واستكبروا عدواناً وظلماً .