Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 32, Ayat: 22-25)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمَنْ أَظْلَمُ } على الله ، وأسوأ أدباً معه سبحانه { مِمَّن ذُكِّرَ } ووُعظ { بِآيَاتِ رَبِّهِ } ليهتدي بها إلى الإيمان والتوحيد ، ويمتثل بمقتضاها ؛ ليتخلص عن الكفر والشرك { ثُمَّ } بعدما سمعها { أَعْرَضَ عَنْهَآ } فجأة بلا تفكر وتأمل في معناها ، وأنكر على مقتضاها ، واستكبر على ما أنزل الله إليه ، فكذبه ونسب إليه ما لا يليق بشأنه ، وأصر على ما هو عليه عناداً ومكابرةً { إِنَّا } من مقام قهرنا وجلالنا { مِنَ ٱلْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ } [ السجدة : 22 ] أي : قل لهم يا أكمل الرسل نيابةً عنَّا بعدما بالغوا في الإنكار والإصرار : إنَّا منتقمون منهم على أبلغ وجه وأشده من عموم المجرمين الظالمين ، فكيف من هو أجرم وأظلم منهم ، وأصر على البغي والعناد ؟ ! فننتقم عنهم ، ونخلدهم في عذاب النار ؛ إذ لا عذاب أسوأ منه وأشد ، أعاذنا الله وجميع عباده منها . { وَ } لا تظنن يا أكمل الرسل أنَّا لم ننجز وعدنا الذي وعدنا معك في كتابك من أنَّا ننتقم من أهل الشرك والكفر والإصرار على أبلغ وجه وآكده ، بل لك أن تتيقن وتذعن عن إنجاز وعدنا إياك مثلما أنجزنا مواعيدنا مع أخيك موسى الكليم ؛ إذ { لَقَدْ آتَيْنَا } من مقام جودننا أخاك { مُوسَى ٱلْكِتَابَ } أي : التوراة مثلما آتيناك الفرقان ، ووعدنا فيه معه مثلما وعدنا معك في كتابك هذا من انتقام أهل الفساد والعناد ، بل وعدنا هذا الوعد مع كل نبي ورسول آتيناه الكتاب والصحف { فَلاَ تَكُن } أنت أيضاً يا أكمل الرسل { فِي مِرْيَةٍ } أي : شك وارتياب { مِّن لِّقَآئِهِ } أي : إنجاز هذا الموعود وإتيانه على الوجه الذي وعدناه في التوراة { وَ } كيف ترتاب في وعدنا هذا مع أنَّا قد { جَعَلْنَاهُ } أي : التوراة { هُدًى لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } [ السجدة : 23 ] يهتدون به إلى المعالم الدينية ، والمعارف اليقينية ، والحقائق العليَّة ، والمكتشفات السنيَّة ؟ ! . { وَ } كيف لا وهم من خواص عبادنا وخلَّصهم ؛ إذ قد { جَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً } أمناء هادون ، مهديون مقتدون { يَهْدُونَ } الناس { بِأَمْرِنَا } ووحينا إياهم ، وإلهامنا إليهم إلى ديننا وتوحيدنا ، وإنما أعطيناهم ما أعطيناهم من الكرامات { لَمَّا صَبَرُواْ } أي : حين وطَّنوا نفوسهم على تحمل ما لحقهم في إعلاء كلمة الحق ، وإفشاء أعلام الدين من المتاعب والمكروهات المؤدية إلى إتلاف النفس ، وبذل المهج وأنواع المصيبات { وَ } هم { كَانُواْ } في أنفسهم { بِآيَاتِنَا } النازلة إياهم ، الدالة على كمال قدرتنا ، الواردة في أي شيء أردناه { يُوقِنُونَ } [ السجدة : 24 ] يذعنون ، لا يترددون فيها ولا يتذبذبون ، وأنت يا أكمل الرسل أولى وأحق منهم بإيقان آياتنا وإذعانها . { إِنَّ رَبَّكَ } الذي رباك بأنواع الكرامات ، وأيدك بأصناف الخوارق والمعجزات { هُوَ } بذاته ومقتضى حكمته المتقنة ، وأحكامه المبرمة { يَفْصِلُ } ويقضي { بَيْنَهُمْ } أي : بين المحقين والمبطلين ، ويميز كلاً منهم عن صاحبه { يَوْمَ ٱلْقَيَامَةِ } المعدة للقطع والفصل ، وتنفيذ الأحكام والحكومات ، فومئذٍ يظهر لهم الحق { فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } [ السجدة : 25 ] من الأمور الدينية ، والمعارف اليقينية .