Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 45-49)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثمَّ قال سبحانه : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ } المؤيَّد ، المخصوص بأنوا الفضائل والكرمات { إِنَّآ } من مقام عظيم جودنا ولطفنا { أَرْسَلْنَٰكَ } إلى كافة البرايا وعامة العباد { شَٰهِداً } تشهد لهم الحقائق ، وتحضرهم المعارف ، وتوصلهم بالتنبيهات الواضحة إلى مرتبة الكشف والشهود ؛ لكون أصل فطرتهم وجبلتهم مجبولة عليها { وَمُبَشِّراً } تبشرهم بالتوحيد المسقط للإضافات المستتبعة لأنواع الكثرات المشوشة لنفوسهم { وَنَذِيراً } [ الأحزاب : 45 ] تنذرهم عن مقتضيات القوى البهيمية من الشهوية والغضبية الجالبة لأنواع الخذلان والحرمان . { وَدَاعِياً } دعوهم { إِلَى } توحيد { ٱللَّهِ } المنزه عن التعديد والتجديد دعوة مسبوقة { بِإِذْنِهِ } سبحانه ؛ أي : بوحيه وإلهامه { وَ } بالجملة : أرسلناك إلى عموم العباد { سِرَاجاً مُّنِيراً } [ الأحزاب : 46 ] تضيء لهم ، ويستضيئون منك في ظلمات الضلالات والجهالات المتراكمة من الحجب الظلمانية والكثافات الهيولانية ، المتولدة من الكدورات الطبيعية ، الباقية من ظلمة العدم . { وَ } بعدما سمعت يا أكمل الرسل سبب بعثتك وسره { بَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } الموقنين بتوحيد الله ، المترقين من اليقين العلمي إلى العيني ، الطالبين الوصول إلى اليقين الحقي { بِأَنَّ لَهُمْ } أي : حق وثبت لهم عنده سبحانه { مِّنَ } عناية { ٱللَّهِ } معهم { فَضْلاً كَبِيراً } [ الأحزاب : 47 ] لا فضل أكبر منه ، وهو الرضا والفوز بشرف اللقاء . { وَ } بعدما سمعت وظيفتك يا أكمل الرسل مع المؤمنين المسترشدين منك الطالبين هدايتك وشرف صحبتك { لاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ } المصرين على الكفر والعناد المجاهرين به { وَٱلْمُنَافِقِينَ } الذي يخفون كفرهم وضلالهم عنك لمصلحة دنيوية ويظهرون عندك خلاف ما في نفوسهم ، ولا تجلس معهم ولا تصاحبهم أصلاً { وَ } إن آذوك في مرورك عنهم وملاقاتك معهم بغتة { دَعْ أَذَاهُمْ } أي : اتركهم وأذاهم ولا تلتفت إلى الانتقام عنهم ، واصبر على مضضهم ، فإن صبرك يقتلهم عن الغيظ ، ويطفئ لهب غضبهم { وَتَوَكَّـلْ عَلَى ٱللَّهِ } في دفع شرورهم ، وثق إليه { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِـيلاً } [ الأحزاب : 48 ] حسيباً كافياً يكفي عنك مؤنة أعدائك ، ويكفي عنك أذاهم عناية لك واهتماماً بشأنك . ثمَّ لمَّا أشار سبحانه إلى ما أباح على نبيه صلى الله عليه وسلم بلا حرج أراد أن يشير إلى ما أباح أيضاً على عموم المؤمنين بلا حرج لهم فيه وضيق ، وقال سبحانه منادياً لهم على وجه العموم : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } بالله ، وصدقوا بجميع أوامره ونواهيه المنزلة من عنده ، مقتضى إيمانكم { إِذَا نَكَحْتُمُ } وعقدتم { ٱلْمُؤْمِنَاتِ } اللاتي هن أحقاء بنكاحكم من المسلمات والكتابيات { ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ } أي تطئوهن وتجامعوهن { فَمَا لَكُمْ } أي : ما لزم ووجب لكم فيما يتلى عليكم { عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا } وتحصونها ، كما للمدخلات بهن والمتوفات عنهن من المدة المقدرة في الشرع ، وبعدما لم تلزم عليكم العدة أيها المطلقون { فَمَتِّعُوهُنَّ } أي : أعطوهن المتعة المستحسنة عقلاً وشرعاً إن لم يكن صدقاتهن مقدرة ، وإن كانت مقدرة فأعطونهن نصف ما قدر من المهر بلا تنقيص ومماطلة { وَ } بعد أن أعطيتموهن المتعة أو النصف من المهر المقدر { سَرِّحُوهُنَّ } وأخرجوهن من منازلكم { سَرَاحاً جَمِيلاً } [ الأحزاب : 49 ] إخراجاً ليناً ، بلا ضرر وإضرار ، وتنقيص ما استحققن عليه .