Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 59-62)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أشار سبحانه إلى آداب النساء ، وصيانتهن عن الرجال واستحيائهن منهم ؛ ليسلمن عن افتراء المفترين ورمي الرامين ، فقال منادياً لحبيبه صلى الله عليه وسلم ليبلِّغ إلى أمته وأزواجه وأزواجهم أيضاً : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ } المؤيد من عندنا ، المبعوث إلى أرشاد البرايا ذكورهم وإناثهم { قُل لأَزْوَاجِكَ } أولاً على سبيل الشفقة والنصيحة { وَبَنَاتِكَ } أيضاً { وَ } عموم { نِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } إذا برزن لحوائجهن أحياناً { يُدْنِينَ } ويغطين { عَلَيْهِنَّ } أي : على أيديهن وأرجلهن وجميع معاطفهن { مِن } فواضل { جَلاَبِيبِهِنَّ } وملاحفهن ، بحيث لا يبدو من أعضائهن شيء سوى العينين ، بل عين واحدة ؛ ليتميزن بها عن الإمامء والبغيات المريبات ، المطمعات لأهل الفجور والفسوق { ذٰلِكَ } التستر والتغطي على الوجه الأتم الأبلغ { أَدْنَىٰ } وأقرب { أَن يُعْرَفْنَ } ويُميزن أولئك الحرائر والعفائق عن الإماء والمربيات ، وبعدما عرفن { فَلاَ يُؤْذَيْنَ } ولا يفترين بهتاناً { وَكَانَ ٱللَّهُ } المطلع لما اختلج في جوانحهن { غَفُوراً } لهن بعدما تُبن إلىالله وأَنَبْنَ { رَّحِيماً } [ الأحزاب : 59 ] يقبل توبتهن ويرحم عليهن إن أخلصن فيها . ثم قال سبحانه مقسماً مبالغاً : والله { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ } ولم ينزجر { ٱلْمُنَافِقُونَ } المفترون الرامون عن إيذاء المؤمنات الحرائر ، المصونات المحفوظات ، والسرايا العفائف بعدما تحفظن وتسترن على الوجه المذكور { وَ } لم يكف عنها المتعرضون { ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } وضعف إيمان ، واعتقاد وميل إلى الفسق والفجور { وَ } خصوصاً { ٱلْمُرْجِفُونَ } المجاهرون المترددون { فِي ٱلْمَدِينَةِ } بالأراجيف والأخبار الكاذبة والمفتريات الباطلة الغليظة ، ويذيعونها فيها عناداً أو فساداً { لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ } ولنأمرنك بقتالهم وإجلائهم ، ولنسلطنك عليهم بإقامة الحدود الشديدة والغريرات البليغة إلى حيث لا يمكنهم التمكن والإقامة فيها ، فيضطروا إلى الجلاء { ثُمَّ } أي : بعدما وضعنا الحدود وأمرناك بإقامتها { لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ } أي : لا يستطيعون ولا يقدرون بمجاورتك في المدينة { إِلاَّ } زماناً { قَلِيلاً } [ الأحزاب : 60 ] يستعدون فيه للبعد والجلاء والهرب من بين المسلمين والفرار عنهم . وإلى أن يفروا ويهربوا أولئك المبعدون المطرودون حتى لا يؤاخذون ولا يؤسرون ؛ إذ هم كانوا بين المؤمين { مَّلْعُونِينَ } مطرودين ، مبعدين عن روح الله وكنف جوار رسوله وجوار المؤمنين ؛ لكونهم مؤذين متعرضين لعورات المسلمين ، الباهتين المفترين إياهن ببهتان عظيم ، والموصوفين بهذه الصفات المذمومة { أَيْنَمَا ثُقِفُوۤاْ } ووجدوا { أُخِذُواْ } وأُسروا { وَ } إن لم يمكن أسرهم { قُتِّلُواْ تَقْتِيلاً } [ الأحزاب : 61 ] شديداً إلى حيث استؤصلوا بالمرة . واستئصال أمثال هذه الغواة المطرودين المردودين ليس ببدع ، بل { سُنَّةَ ٱللَّهِ } القدير الحكيم ، القديمة المستمرة ، التي سنها سبحانه { فِي } حق المؤذين المفترين { ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ } ومضوا { مِن قَبْلُ } يا أكمل الرسل { وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ } المستمرة الجارية على مقتضى حكمته المتقنة { تَبْدِيلاً } [ الأحزاب : 62 ] إذ لا يبدل حكمه ، ولا يغير حكمته ، بل له أن يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد .