Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 19-26)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَ } لكن { مَا يَسْتَوِي } في القرب والرتبة بالنسبة إليه سبحانه { ٱلأَعْمَىٰ } الغافل الجاهل عن كيفية الرجوع والتوجه { وَٱلْبَصِيرُ } [ فاطر : 19 ] العارف العالم بأمارات الصعود والعروج . { وَلاَ ٱلظُّلُمَاتُ } المتراكمة المتكاثفة بعضها فوق بعض ، وهي : ظلمة الطبيعة وظلمة الهيولي وظلمة التعينات ، والهويات الممتزجة المتكاثفة إلى حيث يصير حجاباً غليظاً وغشاء كثيفاً يعمي أبصار المجبولين على الإبصار ، والاعتبار على متقضى الشئون القهرية الجلالية { وَلاَ ٱلنُّورُ } [ فاطر : 20 ] المتشعشع المتجلي من وحدة الذات حسب شئونه اللطيفة الجمالية . { وَلاَ ٱلظِّلُّ } الإلهي ، والمروح لأرواح أرباب المحبة والولاء بنفحات نسائم أنواع الفتوحات والكرامات { وَلاَ ٱلْحَرُورُ } [ فاطر : 21 ] أي : السموم المهلكة المنشأة من فوحان الأماني الإمكانية ، الممتزجة بيحموم الطبيعة المتصاعدة من أبخرة الأهوية ونيران الشهوات . { وَ } بالجملة : { مَا يَسْتَوِي } عند الله العليم الحكيم { ٱلأَحْيَآءُ } بحياة المعرفة والإيمان واليقين والعرفان ، حياة أزلية أبدية سرمدية ، لا أمر لها حتى تنقضي ولا حدوث لها حتى تنعدم { وَلاَ ٱلأَمْوَاتُ } بموت الجهل والضلال ، وأنواع الغفلة والنسيان ، الهالكين في هوية الإمكان ، الخالدين في زاوية نيران الخمول والحرمان { إِنَّ ٱللَّهَ } العليم الحكيم المتقن في أفعاله { يُسْمِعُ } ويهدي { مَن يَشَآءُ } من عباده ؛ عنايةً لهم وامتناناً عليهم إلى صراط توحيده { وَمَآ أَنتَ } يا أكمل الرسل { بِمُسْمِعٍ } هاد مرشد { مَّن فِي ٱلْقُبُورِ } [ فاطر : 22 ] أي : من كان راسخاً متمكناً في هاوية الجهل المركب ، وجحيم الإمكان وأحداث الغفلة والنسيان ؛ إذ هم مجبولون على الغواية الفطرية الجهالة والجبلية لا يتأتى لك إهداؤهم وإرشادهم أصلاً . بل { إِنْ أَنتَ } أي : ما أنت أيها المختار لتبليغ الرسالة { إِلاَّ نَذِيرٌ } [ فاطر : 23 ] لهم من قبلنا ، فلك أن تبلغ الإنذارات والوعيدات الهائلة النالزة منا إياهم ، ولا تجتهد في هدايتهم وقبولهم ؛ إذ ما عليك إلا البلاغ الحساب . { إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ } من كمال لطفنا معك ملتبساً { بِٱلْحَقِّ } الصدق المطابق للواقع ، داعياً لعموم عبادنا إلى توحيدنا { بَشِيراً } بما أعددنا لهم من المراتب العلية والمقامات السنية { وَنَذِيراً } لهم أيضاً بما أعتدنا من دركات النيران الموجبة لزفرات القلوب وحسرات الجنان { وَ } إرسالنا إياك ليس ببدع منا ، بل { إِن مِّنْ أُمَّةٍ } أي : ما من أمة من ألامم الماضية { إِلاَّ خَلاَ } ومضى { فِيهَا نَذِيرٌ } [ فاطر : 24 ] ينذرهم عا لا يعنيهم . { وَ } بعدما سمعت يا أكمل الرسل ما سمعت { إِن يُكَذِّبُوكَ } أولئك الكفرة المصرون على الشرك والعناد ، وأنكروا بك وبكتابك ، لا تبال بهم وبإنكارهم { فَقَدْ كَذَّبَ } الكفرة { ٱلَّذِينَ } مضوا { مِن قَبْلِهِمْ } أي : قبل هؤلاء المشركين رسلهم مع أنه { جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم } المبعوثون إليهم حال كونهم مؤيدين { بِٱلْبَيِّنَاتِ } أي : الدلائل الواضحات من المعجزات المثبتة لنبوتهم ورسالاتهم { وَبِٱلزُّبُرِ } والصحف المنزلة إليهم ، المشتملة على أصول أديانهم وبيان طرقهم { وَبِٱلْكِتَابِ ٱلْمُنِيرِ } [ فاطر : 25 ] المظهر لسرائر التوحيد بحججه وبراهنيه القاطعة وحكمه وأحكامه الساطعة آثارها . { ثُمَّ } بعدما كذكبوا رسلهم وأنكروا الكتب التي جاءوا بها من عندنا على مقتضى وحيينا ، وأصروا على كفرهم وشركهم { أَخَذْتُ } بمقتضى عزتي وقدرتي { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي : أعرضوا عن الحق مستكبرين ، مصرين على الباطل { فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } [ فاطر : 26 ] أي : إنكاري بالنسبة إلى إنكار أولئك الهلكى ، العاجزين في تيه الغفلة والضلال ، وإهلاكي إياهم بحيث لم يبق منهم أحد يخلفهم ، ويحيي اسمهم ورسمهم .