Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 35, Ayat: 42-43)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } من كمال حلم الله وإمهاله على المستوجبين لأنواع المقت والانتقام بعدما عهدوا مع الله ونقضوا عهودهم ، وإن كفار قريش خذلهم الله { أَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ } أي : اجتهدوا في تأكيدها ، وبالغوا في تغليظها قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم حين سمعوا أن من أهل الكتاب قوم كذبوا رسلهمه ، فأنكروا عليهم ولم يقبلوا من الرسل قولهم ، فأنكروا عليهم مقسمين : والله { لَئِن جَآءَهُمْ } يعني : قريشاً { نَذِيرٌ } مرسل من عند الله ، ينذرهم عما لا يعنيهم ويرشدهم إلى ما يعنيهم { لَّيَكُونُنَّ } في الإطاعة والانقياد للنبي النذير البشير { أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى ٱلأُمَمِ } أي : كل واحد وأحد من أهدى من كل واحد من النصارى واليهود وغيرهم من الأمم ، فواثقوا عهودهم مع الله على ذلك { فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ } أي : نذير وبشير هو أكمل من سائر المرسلين المنذرين ، وأفضل منهم ؛ يعني : محمداً صلى الله عليه وسلم { مَّا زَادَهُمْ } مجيئه وبعثته { إِلاَّ نُفُوراً } [ فاطر : 42 ] أي : نفرة عن الحق وإعراضاً عن أهله ، وتباعداً عن قبول قوله ودينه . وإنما أنكروا له وأعرضوا عنه وعن دينه صلى الله عليه وسلم { ٱسْتِكْبَاراً } أي : طلبوا كبراً وخيلاءً { فِي ٱلأَرْضِ وَمَكْرَ ٱلسَّيِّىءِ } أي : طلبوا أيضاً أن مكروا المكر السيئ ، وأصل التركيب هذا ، فعدل إلى صورة المضاف إلى السيئ اتساعاً ؛ تأكيداً ومبالغة ، والمكر السيئ : كل عمل قبيح صدر عنهم أو الشرك أو إرادة قتله صلى الله عليه وسلم . قال صلى الله عليه وسلم : " لا تمكروا وتعينوا ماكراً فإن الله يقول : { وَلاَ يَحِيقُ } - أي : يحل ويحيط - { ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ } " وهو الماكر ، فلحق بوال الشرك للمشركين وكذا وبال كل قبيح مكوره عائد إلى فاعله { فَهَلْ يَنظُرُونَ } أي : ما يملهون ويتنظرون أولئك المشركون ؛ يعني : أهل مكة { إِلاَّ سُنَّتَ ٱلأَوَّلِينَ } أي : سنة الله فيهم بأن عذب سبحانه مكذيبهم ومصريهم على الإنكار والتكذيب ، وبعدما ثبت في علم الله ولوح قضائه تعذيبهم فلا بدَّ أن يقع حتماً { فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ } وهي : نزول العذاب على المكذبين { تَبْدِيلاً } إن تعلق مشيئته به وثبت في لوح قضائه ؛ إذ لا يبدل الحكم دونه سبحانه { وَ } أيضاً { لَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً } [ فاطر : 43 ] بأن ينتقل عذاب المكذبين العاصين إلى المصدقين المطيعين البريئين من العصيان والطغيان .