Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 51-54)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وبالجملة : متى سمعوا الصيحة الأولى ماتوا فجأة بلا إمهال لهم ساعة { وَ } بعدما ماتوا بالصيحة الأولى ، وصاروا كسائر الأموات { نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ } مرة أخرى بعد الصيحة الأولى { فَإِذَا هُم } أي : جميع الأموات ، صاروا أحياء قائمين هائمين ، خارجين { مِّنَ ٱلأَجْدَاثِ } أي : القبور { إِلَىٰ رَبِّهِمْ } الذي يناديهم للعرض والجزاء { يَنسِلُونَ } [ يس : 51 ] يذهبون ويسرعون طوعاً وكرهاً ؛ إذ لا مرجع لهم سواه ، ولا ملجأ إلا هو . ثم لما أفاقوا من ولههم وحيرتهم ورأوا مقدمات العذاب والنكال { قَالُواْ } أي : بعضهم لبعض متحيرين متحسرين : { يٰوَيْلَنَا } وهلكنا ، تعال فهذا أوانك { مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } أي : قبرنا الذي كنا فيه مستودعين ؛ أي : كل منا مستودع على صاحبه ، وإن كان هناك عذاب أيضاً ، لكن لا تفضيح ، أو المعنى : من أيقظنا عن نومنا الذي كنا عليه قبل النفخة الثانية المجيئة ، وبعد النفخة الأولى المهيئة ، إنما قالوا تحسراً وتحزناً . ثم قيل لهم حينئذ من قبل الحق : { هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ } أي : يومكم هذا هو اليوم الموعود الذي وعده الرحمن ، وأخبره على ألسنة رسله وكتبه ؛ لينقذكم من عذابه بمقتضى سعة رحمته { وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ } [ يس : 52 ] في جميع ما جاءوا من قِبل ربهم من الأمور المتعلقة بالنشأة الأخرى ، وأنتم من كمال بغيكم وبغضكم على الله ورسوله في النشأة الأولى أنكرتم الرحمن وكذبتم الرسل الكرام ، فاليوم يلقاكم ما كذبتم به . ثم قال سحبانه تقريعاً وتوبيخاً على المشركين المنكرين لقدرته وكمال عزته وسطوته واستقلاله في تصرفات ملكه وملكوته ، وإظهاراً لعلو شأنه وسمو برهانه بأن أمثال هذه المقدورات في جنب قدرتنا الكاملة في غاية اليسر والسهولة ؛ لذلك { إِن كَانَتْ } أي : ما كانت الفعلة منا في أمر البعث وقيام الساعة وحشر الأموات { إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً } صادرة بأمرنا فجأة ، وهي الصيحة الثانية ، أو ما وقعت الفعلة منا وبأمرنا إلا صيحة واحدة { فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ } أي : كل الأموات مجموعون { لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ } [ يس : 53 ] عندنا ، مع أنه صدر عنا في إحضارهم وجمعهم إلا صيحة واحدة دفعية . { فَٱلْيَوْمَ } أي : بعد حضر الكل لدينا واجتمع عندنا للعرض والحساب وتنقيد الأعمال ، وجزاء الأفعال الصادرة عنهم في دار الاختبار { لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً } ولا تنقص من أجور أعمالها الصالحة { وَ } لا تزاد أيضاً على فاسدها على مقتضى عدلنا ، بل { لاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [ يس : 54 ] أي : بمقتضى عملهم ، إن كان خيراً فخير وإن شراً فشر .