Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 49-54)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ هَـٰذَا } الذي يتلى عليكم من الأمر بتذكير أولئك الثقات الكرام { ذِكْرٌ } جميل وإثبات شريف وكمال لهم ، إنما ذكرناهم وأمرناك بذكرهم تنبيهاً على جلال قدرهم وعظم شأنهم { وَ } بالجملة : { إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ } المجتنبين عن محظوراتنا ، المتصفين بمأموراتنا ، الطالبين لمرضاتنا ، الهاربين من سخطنا وانتقاماتنا { لَحُسْنَ مَآبٍ } [ ص : 49 ] عندنا ، وخير منقلب ومتاب في كنف جوارنا وساحة عز قبولنا . { جَنَّاتِ عَدْنٍ } عطف بيان " لحسن مآب " ، وهي عبارة عن درجات القرب إلى الوحدة الذاتية ، وتجددات التجليات الشهودية على أرباب الكشف والعيان ، ولكمال تخفظهم عن مقتضيات القوى ومشتهيات الهوى ، وخلوصهم في التوجه نحو المولى ، صارت الجنات ودرجات القرب والوصول { مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ ٱلأَبْوَابُ } [ ص : 50 ] أي : مفتوحة الطرق ، واضحة السبل بالنسبة إليهم ، يدخلون فيها من كل باب بلا منع وحجاب . وبعد دخولهم فيها ، وتحققهم عندها صاروا { مُتَّكِئِينَ فِيهَا } متمكنين على أرائك القبول وسرر الإخلاص ، ولهم فيها ما تشتهي قلوبهم من المعارف المتجددة بتجدد التجليات الحبية المنبعثة من حضرة الرحموت ؛ إذ { يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ } من أنواع ما يتفكهون ويتلذذون علماً وعيناً وحقاً { وَشَرَابٍ } [ ص : 51 ] يشربون من رحيق الحق ولا يروون . { وَ } يصور { عِندَهُمْ } أعمالهم المقبولة وأحوالهم المرضية ومقاماتهم العلية في سلوك طريق التوحيد أزواج أبكار { قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ } عليهم ، لا ينظرن إلى غيره { أَتْرَابٌ } [ ص : 52 ] أحداث كلهن مستويات في السن ، ليس فيهن صغر ولا كبر ، بل كلهن على كمال اللطافة والعدالة ؛ إذ كل ما فيها على كمال الاعتدال . وبعدما تمكنوا فيها وترفهوا بنعيمها ، قيل لهم من قبل الحق امتناناً عليهم وتشويقاً : { هَـٰذَا } الذي بين يديكم من النعيم المقيم واللذة الدائمة { مَا تُوعَدُونَ } بألسنة الكتب والرسل { لِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ } [ ص : 53 ] أي : لأجله أو فيه ؛ إذ لا وصول إليها إلا بعد الحساب . ثم قال سبحانه إظهاراً لكمال قدرته على الإنعام والانتقام : { إِنَّ هَـٰذَا } المذكور { لَرِزْقُنَا } المعد لخواص عبادنا ، المنجذبين إلينا بانخلاعهم عن لوازم هوياتهم الباطلة ، وعن مقتضيات تعيناتهم العاطلة من المأكل والمشرب والمناكح الفانية ، فنستبدل لهم بدلها { مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ } [ ص : 54 ] أي : رزقاً معنوياً لا انقطاع له أصلاً .