Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 75-81)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم لما امتنع إبليس عن إطاعته وتعظيمه مع ورود الأمر الوجوبي من قبل الحق { قَالَ } معاتباً عليه منادياً له سائلاً عن سبب امتناعه : { يٰإِبْلِيسُ } المستكبر المتخلف عن أمرنا { مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ } أي : أي شيء منعك عن سجود التكريم { لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } وصورته بقدرتي ، وبمقتضى صورتي ، وبكمال حولي وقوتي ؛ ليكون مرآتي ويليق بخلتي وخلافتي { أَسْتَكْبَرْتَ } عن طاعة حكمنا وامتثال أمرنا { أَمْ كُنتَ } احتسبت نفسك { مِنَ ٱلْعَالِينَ } [ ص : 75 ] المتفوقين عليه ، بحيث لا يجوّز لنفسك أن تتذلل عنده وتنقاد له ؟ . وبعدما سمع اللعين منه سبحانه الخطاب المشتمل على أنواع العتاب { قَالَ } اللعين بعدما اختار الشق الثاني من الترديد : { أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ } صورة ومادة ؛ إذ { خَلَقْتَنِي } بكمال قدرتك { مِن نَّارٍ } هي أعلى العناصر وأرفعها قدراً وإمكاناً { وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } [ ص : 76 ] هي أسفل العناصر وأرذلها قدراً وأدناها مكاناً ، والأمر بسجود الأفضل الأعلى للأرذل الأدنى غير موافق ومطابق لحكمتك المتقنة . ثم لما خرج إبليس عن ربقة الإطاعة التعبدية ، وأتى بالحجة الإقناعية الجدلية { قَالَ } سبحانه مغاضباً عليه من كمال غيرته وقهره : أنَّى يطيق أحد من مظاهره ومصنوعاته أن يخالف أمره ويحتج عليه ؟ { فَٱخْرُجْ مِنْهَا } أي : من مرتبة الملكية وأعلى مرتبة العبودية { فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } [ ص : 77 ] مرجوم مطرود عن سعة رحمتنا ، وشرف عز حضرتنا ، { وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِيۤ } أي : طردي وتبعيدي عن ساحة عز قربتي ، مستمرة عليك { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ } [ ص : 78 ] وبعد ذلك عذابك مؤبد أبدَ الآبدين . ثم لما قنط إبليس عن روح الله وسعة رحمته { قَالَ } بعدما آيس مناجياً : { رَبِّ } يا من رباني على فطرة الإطاعة ، فعصيت أمرك بشؤم عُجبي ونخوتي { فَأَنظِرْنِيۤ } وأمهل علي ، بعدما بعدتني عن كنف قربك وجوارك ، وطردتني عن محل كرامتك وجودك { إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [ ص : 79 ] . { قَالَ } سبحانه : { فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ * إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } [ ص : 80 - 81 ] وهو النفخة الأولى .