Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 11-16)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم قال سبحانه آمراً لحبيبه بالتوصية والتبليغ لعموم عباده كلاماً ناشئاً عن محض الحكمة ، خالياً عن رعونات الرياء ، متمحضاً للنصح والتكميل : { قُلْ } يا أكمل الرسل { إِنِّيۤ أُمِرْتُ } من قبل ربي { أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ } حق عبادته ، وأطيعه حق إطاعته { مُخْلِصاً لَّهُ ٱلدِّينَ } [ الزمر : 11 ] والانقياد الصادر مني ، لأتسبب بإطاعتي وانقيادي على وجه الإخلاص كي أعرفه حق معرفته ، ويفيض على قلبي زلال توحيده وكرامته . { وَأُمِرْتُ } أيضاً من عنده { لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ ٱلْمُسْلِمِينَ } [ الزمر : 12 ] أي : أسبق المسلمين المفوضين أمورهم كلها إليه ، منخلعين عن لوازم بشريتهم ومقتضيات أهوية هويتهم . ثم { قُلْ } يا أكمل الرسل { إِنِّيۤ } مع كمالم وثوقي بكرم الله وسعة رمته ووفور فضله وجوده علي { أَخَافُ } خوفاً شديداً { إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي } وخرجت عن عروة إطاعته وانقياده { عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [ الزمر : 13 ] فظيع ؛ لعظم ما فيه من الجزاء المترتب على الجرائم العظام . وبعدما بلغت ما بلغت { قُلِ } يا أكمل الرسل على وجه الحصر والتخصيص : { ٱللَّهَ أَعْبُدُ } لا غير ؛ إذ لا غير معه { مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي } [ الزمر : 14 ] حسب وعي وطاقتي . { فَٱعْبُدُواْ } أيها المنهمكون في بحر الغي والضلال { مَا شِئْتُمْ مِّن دُونِهِ } سبحانه بمقتضى أهويتكم الفاسدة وآرائكم الكاسدة ، واعلموا أنه ما يترتب على عبادة غير الله إلا الخيبة والخسران { قُلْ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ } بعبادة غير الله والانحراف عن جادة توحيده ، { وَ } خسروا { أَهْلِيهِمْ } أيضاً بالإغواء الإضلال { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } المعدة لجزاء الأعمال { أَلاَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ } [ الزمر : 15 ] والحرمان العظيم ، نعوذ بك منه يا ذا القوة المتين . وكيف لا يكون خسران المشركين مبنياً وحرمانهم عظيماً ؛ إذ { لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ } وأطباق { مِّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ } كذلك بالنسبة إلى من في الطبقة السفلى ؛ لأن دركات النيران مثل دركات الإمكان متطابقة بعضها فوق بعض ، فيكون سكانها أيضاً كذلك { ذَلِكَ } العذاب الذي سمعت وصفه { يُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ } في دار الاختبار ، ويحذرهم عنه ، ثم ناداهم ؛ ليقبلوا إليه ويعتبروا من تخويفه ، فقال : { يٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ } [ الزمر : 16 ] واحذروا من بطشي وتعذيبي .