Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 17-20)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَ } المؤمنون الموحدون { ٱلَّذِينَ ٱجْتَنَبُواْ ٱلطَّاغُوتَ } المبالغ في الطغيان والعدوان ، وهي الشيطان المضل المغوي ، واستنكفوا { أَن يَعْبُدُوهَا } ويقبلوا منها وسوستها ، ويصغوا إلى إغوائها وتغريرها { وَ } مع ذلك { أَنَابُوۤاْ } ورجعوا { إِلَى ٱللَّهِ } في النشأة الأولى على وجه الإخلاص والخوضع ، نادمين عمَّا صدر عنهم من الجراءة والجريمة { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ } في النشأة الأخرى بالدرجة العظمى . { فَبَشِّرْ } بها يا أكمل الرسل { عِبَادِ * ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ } [ الزمر : 17 - 18 ] الحق الذي صدر منَّا ، ولا يمترون فيه ، بل { فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } ويتمثلون بما أمروا به ، ويجتنبون عما نُهوا عنه { أُوْلَـٰئِكَ } السعداء الموفقون على استماع قول الحق والامتثال به ، هم { ٱلَّذِينَ هَدَاهُمُ ٱللَّهُ } إلى طريق توحيده ، ووفقهم إلى الفناء فيه والبقاء ببقائه { وَ } بالجملة : { أُوْلَـٰئِكَ هُمْ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } [ الزمر : 18 ] الواصلون إلى لُبِّ اللباب . ثم قال سبحانه على وجه التنبيه والتأديب : { أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ } أتسعى وتجتهد يا أكمل الرسل في تخليص من ثبت منَّا في سابق قضائنا وحضرة علمنا الحكم بتعذيبه ؛ يعني : أبا لهب وولده وأتباعه { أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي ٱلنَّارِ } [ الزمر : 19 ] أي : أتظن وتعتقد في نفسك أنك تقدر على إنقاذ من هو مخلد في نار جهنم بمقتضى قهرنا وجلالنا ، فلا تتعب نفسك فيما ليس في وسعك ؛ إذ لا بدل قولنا ، ولا يغير حكمنا . { لَـٰكِنِ } المؤمنين { ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ رَبَّهُمْ } في جميع شئونهم وحالاتهم ، خائفين من قهره وغضبه ، راجين رحمته { لَهُمْ } عند ربهم { غُرَفٌ } درجات علية { مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ } درجات أعلى منها ، كأنها منزال { مَّبْنِيَّةٌ } على الأرض ، بعضها فوق بعض على تفاوت طبقاتهم في مراتب القرب { تَجْرِي } على التعاقب والتوالي { مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } أي : أنهار المعارف والحقائق المترشحة من بحر الذات على مقتضى الجود والإلهي ، وما كان ذلك إلا { وَعْدَ ٱللَّهِ } الذي وعدها لخُلَّص عباده الذين سلكوا في سبيله ، متعطشين إلى زلال توحيده ، فله أن ينجزه حتماً ؛ إذ { لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ } القادر المتقدر على جميع ما شاء وأراد { ٱلْمِيعَادَ } [ الزمر : 20 ] الذي وعده للعباد سيما لأهل العناية منهم .