Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 23-24)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فكيف يتيسر لأحد أن يعرض عن ذكر الله وعن استماع كلامه ؟ ! مع أنه : { ٱللَّهُ } الذي دبر أمور عباده ، وأرشدهم إلى طريق معاده ؛ حيث { نَزَّلَ } تتميماً لترتبيهم { أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ } وأبلغه في الإفادة والبيان { كِتَاباً } جامعاً لما في الكتب السالفة { مُّتَشَابِهاً } بعض آياتها ببعض في حسن النظم ، واتساق المعنى { مَّثَانِيَ } أي : ثنى سبحانه ، وكرر الأحكام فيه تأكيداً ومبالغة ، أمراً ونهياً ، وعداً ووعيداً ، وثواباً وعقاباً ، عبراً وأمثالاً ، قصصاً وتذكيراً . وجعله في كمال الإيجاز والإعجاز والتأثير ؛ بحيث { تَقْشَعِرُّ } أي : تنقبض وتضطرب على الاستمرار { مِنْهُ } أي : من سماعه { جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ } مهابة { رَبَّهُمْ } في جميع حالاتهم ، خوفاً من سلطة سلطنة جلاله { ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَ } تطمئن { قُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ } رجاء من سعة رحمته ، بمقتضى لطفه وجماله . وبالجملة : { ذَلِكَ } أي : الكتاب الرفيع الشأن ، الواضع البرهان { هُدَى ٱللَّهِ } الهادي لعباده { يَهْدِي بِهِ } ويوفق على الهداية والرشاد بمقضتى ما فيه { مَن يَشَآءُ } من عباده ، ويضل به وعن الاستفادة بما فيه من يشاء إرادة واختيارً { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ } بمقتضى قهره وجلاله { فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } [ الزمر : 23 ] إذ لا يبدل قوله ، لا ينازع حكمه ، يفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد . { أَفَمَن يَتَّقِي } أي : يصل ويدخل { بِوَجْهِهِ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } أي : أشده وأسوأه ؛ إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل في أيديهم ، يسبحون إلى النار بحيث لا يصل منهم إليها أولاً إلا وجوههم ، كمن آمن منه وسلم عن مطلق المكاره ؟ ! كلا وحاشا { وَقِيلَ } حينئذ { لِلظَّالِمِينَ } الخارجين من مقتضى الحدود الإلهية ظلماً وعدواناً على سبيل التوبيخ والتقريع : { ذُوقُواْ } أيها المنهمكون في بحر الغفلة والشهوات جزاء { مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } [ الزمر : 24 ] في دار الاختبار ، بمقتضى أهويتكم الفاسدة وآرائكم الباطلة .