Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 25-29)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وليس هذا التكذيب والجزاء المترتب عليه مخصوصاً بهؤلاء الكفرة المكذبين لك يا أكمل الرسل ، بل كل من { كَذَّبَ ٱلَّذِينَ } مضوا { مِن قَبْلِهِمْ } من المشركين رسلهم المبعوثين إليهم { فَأَتَاهُمُ ٱلْعَـذَابُ } فجأة { مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } [ الزمر : 25 ] مقدماته وأماراته أصلاً . { فَأَذَاقَهُمُ ٱللَّهُ } المنتقم منهم { ٱلْخِزْيَ } أي : الذل والهوان ، والخيبة والخسران { فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ } المعد لهم فيها { أَكْبَرُ } أي : أشد وأفزع { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } [ الزمر : 26 ] شدته وفطاعته لما ارتكبوا ما يؤول إليه ويوقعهم فيه . { وَ } اللهِ { لَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ } الناسين عهودنا ومواثيقنا { فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ } المتكفل لأهداء عموم الضالين { مِن كُلِّ مَثَلٍ } ينبههم على معالم الدين ومراسم التوحيد و اليقين { لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [ الزمر : 27 ] رجاء أن يتعظوا بما فيه ، ويتفطنوا بسرائره ومرموزاته . مع أن جعلناه { قُرْآناً عَرَبِيّاً } أوضح بياناً ، وأعظم شأناً ، وأجل تبياناً وبرهاناً { غَيْرَ ذِي عِوَجٍ } أي : بلا اختلال واختلاف في معناه ، موجب للتردد والالتباس والشك والارتياب { لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } [ الزمر : 28 ] عن محارمنا ، ويحذرون عما نهيناهم عنه ، ومع ذلك لم يتقوا ، بل لم يتنبهوا ولم يتفطنوا أصلاً . ولهذا { ضَرَبَ ٱللَّهُ } ضرب المطلع على جميع ما في استعدادات عباده وقابلياتهم { مَثَلاً } موضحاً لحال الموحد منهم والمشرك ، وشبه كلتا الطائفتين برجلين مملوكين { رَّجُلاً } مملوكاً { فِيهِ شُرَكَآءُ } أي : له أرباب متشاركون فيه ، كلهم { مُتَشَاكِسُونَ } أي : مشتاخصون متخالفون في استخدامه ، متنازعون في شأنه ، يتجاذبونه على مقتضى أهويتهم وأمانيهم بكمال الاستيلاء الغلبة ، هذا مثل المشركين بالنسبة إلى معبوداتهم الباطلة . { وَرَجُلاً } أي : مملوكاً آخر { سَلَماً لِّرَجُلٍ } أي : مسلماً مخصوصاً لمالك فقط بلا شوب شركة فيه ، ونزاع في أمره ، هذا مثل الموحد بالنسبة إلى ربه الواحد الأحد الصمد ، الذي لا تعدد فيه ولا كثرة أصلاً { هَلْ يَسْتَوِيَانِ } ويتماثلان { مَثَلاً } هذان الرجلان المملوكان { ٱلْحَمْدُ للَّهِ } الذي لا شركة في ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله ، بل ولا نزاع لأحد في حكمه ، يفعل ما يشاء بالإرادة والاختيار ، ويحكم ما يريد بالاستقلال { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } [ الزمر : 29 ] وحدته واستقلاله في التصرفات الواردة ، باعتبار شئونه وتطوراته ، لذلك يشركون به غيره ظلماً وجهلاً .