Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 7-8)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

مع أنكم أيها الأظلال المنهمكون في بحر الحيرة والضلال { إِن تَكْفُرُواْ } بالله ، وتنكروا ظهوره واستيلاءه على ما ظهر وبطن بالاستقلال { فَإِنَّ ٱللَّهَ } المتعزز برداء العظمة والكبرياء { غَنِيٌّ عَنكُمْ } وعن إيمانكم وإطاعتكم { وَ } غاية ما فيه أنه عزّ شأنه { لاَ يَرْضَىٰ } ولا يحب { لِعِبَادِهِ } الذين ظهروا منه سبحانه بمقتضى أوصافه وأسمائه { ٱلْكُفْرَ } والجحود بذاته سبحانه ، عطفاً لهم وترحماً عليهم ؛ لأنهم جبلوا على فطرة الإيمان والعرفان ، وإلا فهو سبحانه أعز وأعلى من أن يفتقر إلى إيمان أحد وإطاعته ، أو يتضرر بكفره وإنكاره { وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ } أي : وكذا غني عنكم وعن شرككم نعمه الفائضة عليكم ؛ إذ لا يعلل فعله سبحانه بالأغراض والأعواض ، لكن يرضى عنكم لو شكرتم نعمه ، ويزيد عليكم بأضعافها لإتيانكم بالمأمور وامتثالكم أمره ، مع أن نفع شرككم عائد إليكم . { وَ } بالجملة : لا بدَّ لكل واحد من المكلفين أن يمتثلوا بما أُمروا من عنده سبحانه ، حتى يصلوا ما وعدوا من المثوبات والكراما ، واجتنبوا عما نهوا أيضاً عنه ؛ ليخلصوا من المهالك والدركات ؛ إذ { لاَ تَزِرُ } تحمل نفس { وَازِرَةٌ } مرتكبة بحمل أثقال الأوزار والآثام { وِزْرَ } نفس { أُخْرَىٰ } كما لا تتصف بحسناتها { ثُمَّ } بعد انقضاء النشأة الأولى { إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُـمْ } كافة كما كان منشأكم { فَيُنَبِّئُكُـمْ } ويخبركم سبحانه بعد رجوعكم إليه { بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } أي : بجميع ما جرى عليكم من سيئاتكم وحسناتكم ، بلا فوت شيء منها ، ويجازيكم على مقتضاها ، وكيف لا يخبركم ويحاسبكم بأعمالكم { إِنَّهُ } بذاته { عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } [ الزمر : 7 ] أي : بجميع الأمور الكائنة المكنونة في صدور عباده ؛ أي : بما خفي في ضمائرهم ونياتهم ، فكيف بما صدر عن جوارحهم وآلاتهم . وبعدما نبه سبحانه إلى أحوال عباده ، شرع يعد مساوئهم وأخلاقهم الذميمة الناشئة من بشريتهم وبهيمتهم ، فقال : { وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ } أي : لحقه وأحاط به { ضُرٌّ } مؤلم مزعج { دَعَا رَبَّهُ } متضرعاً نحوه { مُنِيباً إِلَيْهِ } إذ لا مرجع له سواه ، ملحاً لكشفه وإزالته { ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ } سبحانه وأزال عنه كربه وضره ، وأعطاه وأفاض عليه متعهداً له ، متفقداً حاله { نِعْمَةً } موهوبة له { مِّنْهُ } أي : من لدنه سبحانه تفضلاً وتكريماً إياه { نَسِيَ } ونبذ وراء ظهره { مَا كَانَ يَدْعُوۤ إِلَيْهِ مِن قَبْلُ } عن شدة ضره ، وسورة كربه . { وَ } مع ذلك لم يقتصر على النبذ والنيسان ، بل { جَعَلَ } وأثبت { لِلَّهِ } الصمد المنزه عن الضد والند { أَندَاداً } وادعاهم شركاء له سبحانه ، وإنما جعل وفعل كذلك { لِّيُضِلَّ } الناس الناسين عهود ربهم { عَن سَبِيلِهِ } ويحرفهم عن طريق توحيده ، ساعياً في إغوائهم وإضلالهم ، مجتهداً فيه . { قُلْ } يا أكمل الرسل نيابة عنَّا مهدداً إياه : { تَمَتَّعْ } أيها الضال المضل { بِكُفْرِكَ } هذا في نشأتك هذه { قَلِيلاً } زماناً قليلاً ، ومدة يسيرة { إِنَّكَ } ألبتة في النشأة ا لأخرى { مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ } [ الزمر : 8 ] أي : من ملازميها ، ومن جملة ما فيها .