Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 47-50)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم ناداهم سبحانه وأوعدهم رجاء أن يتبنهوا بقوله : { يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ } أي : التوراة { ءَامِنُواْ بِمَا } أي : بالكتاب الجامع الذي { نَزَّلْنَا } من غاية فضلنا وجودنا على محمد صلى الله عليه وسلم مع كونه { مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ } أي : لكتابكم { مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً } أي : تمحو وتضمحل مراتب إنسانيتكم وإدراككم مطلقاً { فَنَرُدَّهَا عَلَىٰ أَدْبَارِهَآ } قهقرى إلى المراتب الأنزل الأرذل قبل وصولكم إلى مرتبة الكمال { أَوْ نَلْعَنَهُمْ } نطردهم عن ساحة عز الوجوب إلى مضيق الإمكان { كَمَا لَعَنَّآ } مسخنا { أَصْحَٰبَ ٱلسَّبْتِ } لمخالفتهم الأمر الوجوبي بافتراء الحيلة عن لوازم الإنسانية مطلقاً ، ورددناهم إلى أخس المراتب { وَ } لا تستبعدوا من الله القادر المقتدر على جميع ما يشاء أمثال هذا الطرد والإدبار ؛ إذ { كَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ } أي : إرادته المتعلقة بتكموين أمره { مَفْعُولاً } [ النساء : 47 ] مقتضياً البتة لا تخفف . ثم قال سبحانه : { إِنَّ ٱللَّهَ } المتعزز برداء العظمة والكبرياء ، المتفرد بالمجد والبهاء { لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ } أي : لا يستر ولا يعفو عن انتقام الشرك به بإثبات الوجود لغيره { وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ } من الكبائر والصغائر { لِمَن يَشَآءُ } من التائبين وغيرهم ، ثم قال سبحانه تأكيداً وتحقيقاً : { وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ } الواحد الأحد الذي { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } [ الاخلاص : 3 - 4 ] شيئاً من مظاهره بادعاء الوجود له أصالة استقلالاً { فَقَدِ ٱفْتَرَىٰ } على الله واكتسب لنفسه { إِثْماً عَظِيماً } [ النساء : 48 ] لا مخلص له عنه . نعوذ بك ونستغفرك من أن نشرك بك شيئاً ونحن نعلم ، ونستغفرك لما لا نعلم ، إنك أنت علام الغيوب . { أَلَمْ تَرَ } أيها الرائي { إِلَى ٱلَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ } بألسنتهم وألبستهم ؛ رياء وسمعة ويفتخرون بها ويباهون عليها ، كيف وظنوا أنفسهم بهذا المزخرف الباطل ولم يتفطنوا أن العبد قل ما بخلوا عن الشرك الجلي فضلاً عن الخفي ، ولا تليق التزكية للعبد مطلقاً سواء يزكي نفسه أو غيره { بَلِ ٱللَّهُ } المطلع لأحوال عباده { يُزَكِّي } بفضله { مَن يَشَآءُ } من عباده ، والمراءون المزكون لنفوسهم قولاً بلا توافق أحوالهم وأعمالهم على مقالهم يعاقبون عليها { وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } [ النساء : 49 ] أي : لا يزاد على انتقام ما اقترحوا مقدار حبل النواة ، وهو مثل في الصغر والحقارة . { ٱنظُرْ } أيها الرائي { كَيفَ يَفْتَرُونَ } أولئك المراءون المزكزون نفوسهم { عَلَى ٱللَّهِ ٱلكَذِبَ } بادعائهم تزكية الله إياهم ترويجاً لما عليه نفوسهم من التلبيس { وَكَفَىٰ بِهِ } هذا الافتراء { إِثْماً مُّبِيناً } [ النساء : 50 ] ظاهراً موجباً لانتقام عظيم من الله .