Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 9-12)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قُلْ } يا أكمل الرسل لمن أشرك بالله ، وجحد توحيده على سبيل التوبيخ والتقريع : { أَإِنَّكُمْ } أيها الجاهدون المسرفون { لَتَكْفُرُونَ } وتنكرون { بِٱلَّذِي } أي : بالقادر العليم الحكيم الذي { خَلَقَ ٱلأَرْضَ } أي : عالم الطبيعة والهيولي { فِي يَوْمَيْنِ } يوماً لاستعداداتها القابلة لانعكاس أشعة نور الوجود ، ويوماً لاتصافها بها بمقتضى الجود الإلهي . { وَ } من كمال غفلتكم وضلالكم عن توحيد الحق وتوحده في ذاته { تَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً } تثبتون له شركاء في الوجود ، مشاركين معه سبحانه في الآثار والتصرفات الواقعة في الكائنات ، وتتوجهون نحوهم في الخطوب والملمات ، مع أنه لا رب لهم سواه سبحانه ، ولا مرجع لهم غيره ، بل { ذَلِكَ } الواحد الأحد الصمد الذي ذكر نبذاً من أخص أوصافه { رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } [ فصلت : 9 ] أي : موجد جميع ما لاح عليه برق الوجود ، ومربيها بمقتضى الجود . { وَ } كيف تنكرون وحدة الحق ، واستقلاله في ملكه وملكوته مع أنه { جَعَلَ } بمقتضى حكمته { فِيهَا } أي : في عالم الطبيعة { رَوَاسِيَ } اي : أقطاباً وأوتاداً رفعية الهمم عالية القدر مستمرة { مِن فَوْقِهَا } أي : من عالم الأسماء والصفات { وَ } لهذا { بَارَكَ فِيهَا } وكثَّر الخير والبركة عليها { وَ } من كما حكمته سبحانه { قَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا } أي : قدر وأظهر في عالم الطبيعية جميع ما يحتاج إليه أهلها من الرزق الصوري والمعنوي تتميماً لتربيتهم ، وتكميلاً لهم حسب نشأتهم . كل ذلك صدر منه سبحانه { فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ } يومين للنشأة الأولى المتعلقة بالظور والبروز ، ويومين للنشأة والأخرى المتعلقة بالكمون والبطون ، ولهذا كانت الأيام المذكورة { سَوَآءً } أي : سبيلاً وطريقاً مستقيماً { لِّلسَّآئِلِينَ } [ فصلت : 10 ] المستكشفين عن مدة بروز عالم الطبيعة عن مكمن الغيب . { ثُمَّ } أي : بعدما هبط ونزل من عالم الأسماء إلى مهبط الطبيعة والهيولي ، وصعد إليها { ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ } أي : سماء الأسماء ، وتمكن عليها مستعلياً مستغنياً فارغاً عن الصعود والهبوط { وَ } الحال أنه { هِيَ } أي : عالم الأسماء والصفات في أنفسها أيضاً { دُخَانٌ } حجاب بالنسبة إلى صرافة الذات ؛ إذ لا تلخوا عن شوب الكثرة المستلزمة للظلمة ، بعدما استقر عليها سبحانه ، وتمكن { فَقَالَ لَهَا } أي : لسماء الأسماء والصفات . { وَلِلأَرْضِ } أي : الطبيعة والهيولي إظهاراً للقدرة الشاملة والسلطنة الغالبة : { ٱئْتِيَا } وتوجهاً نحو جانبنا ، منسلخين عن هوياتكما الباطلة ووجوداتكما العاطلة الزائلة { طَوْعاً أَوْ كَرْهاً } أي : طائعتين أو كارهتين ؛ إذ لا وجود لكما في أنفسكما ، وبعدم سمعتا من النداء المهوول ما سمعتا { قَالَتَآ } على وجه التصريح والتذلل ، حسب استعداداتهما الف رية وقابالياتهما الجبلية : { أَتَيْنَا } نحو بابك يا ربنا { طَآئِعِينَ } [ فصلت : 11 ] من أين يتأتى منا الكره لحكمك ، يا من لا وجود لنا إلا منك ، لا تحقق إلا بك ، نعبدك ونستعين منك عل العبادة عبادتك ؛ إذ لا معبود لنا سواك ، ولا مقصود إلا إياك . { فَقَضَٰهُنَّ } أي : قضي سبحانه وقدر لإمدادهما { سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ } على عدد الصفات السبع التي هي أمهات الأسماء الإلهية { فِي يَوْمَيْنِ } أي : يوم الظهور ويوم البطون ، يوم ل تحصيل المادة ، ويوم لتكميل الصورة { وَ } بعدما حكم وقضي سبحانه { أَوْحَىٰ } وألهم { فِي كُلِّ سَمَآءٍ } من الأسماء المدبرة { أَمْرَهَا } أي : أمورها التي طلب منها ووضع لأجلها { وَ } قال سبحانه بعدما رتبها عليها تتميماً للتربية ، وتكميلاً للقدرة الكاملة الشاملة : { زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا } أي : القرب إلى عالم الشهادة المشتملة على الآثار والأعمال ، الصادرة من المظاهر والأظلال { بِمَصَٰبِيحَ } مقتبسة مسرجة من أشعة أنوار الذات { وَ } جعلناها { حِفْظاً } أي : وقاية ورقيباً لأرباب العناية من وساوس شيطان الأوهام ، والخيالات المترتبة على القوى الطبيعية المائلة بالذات إلى السفل { ذَلِكَ } الذي سمعت من الخلق والإيجاد على النظام البديع والترتيب العجيب { تَقْدِيرُ } الحكيم { ٱلْعَزِيزِ } الغالب على إيجاد جميع ما دخل في حيطة إرادته { ٱلْعَلِيمِ } [ فصلت : 12 ] بإظهارها على عموم الصور الممكنة لظهورها .