Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 14-15)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } بعدما ثبت أن أصل الأديان كلها هو التوحيد ، وأن الأنبياء والرسل إنما جاءوا لإظهاره وتبيينه ، ظهر أن الأمم الهالكة { مَا تَفَرَّقُوۤاْ } واختلفوا من مذاهبهم ومشاربهم { إِلاَّ مِن } بعدما { مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ } أي : الوحي المشتمل على بيان التوحيد من قبل الحق على ألسنة الكتب والرسل ، فتركوا مقتضى الوحي ، وأنكروا عليه فاختلفوا { بَغْياً بَيْنَهُمْ } أي : عدواناً وظلماً وإعراضاً عن الحق وأهله ، وما ظهر بينهم هذا إلا مراء وافتراء . { وَ } بالجملة : { لَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ } يا أكمل الرسل ، وهي إمهال انتقامهم وتأخيره { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } هو يوم القيامة { لَّقُضِيَ بِيْنَهُمْ } وحكم عليهم حين اختلافهم وتفرقهم إليه ، فاستؤصلوا فيه بالمرة { وَإِنَّ } المختلفين المتفرقين { ٱلَّذِينَ أُورِثُواْ ٱلْكِتَابَ } المنزل على أسلافهم { مِن بَعْدِهِمْ } أي : بعد انقراض أسلافهم { لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ } أي : من الكتاب أمثال أولئك الأسلاف الضلال { مُرِيبٍ } [ الشورى : 14 ] موقع لهم في الريب والضلال ، لذلك اختلفوا معك يا أكمل الرسل وأنكروا على كتابك ودينك . ولو كان لهم علم بكتابهم ما ظهروا عليك ، وما طعنوا في دينك وكتابك ؛ إذ الإيمان بكتاب من كتب الله ، ودين من أديانه ، ورسول من رسله يوجب الإيمان بجميع الكتب والرسل بناء على الأصل الذي سمعت من التوحيد { فَلِذَلِكَ } الأصل الذي هو التوحيد الذاتي المسقط لعموم الإضافات والاختلافات { فَٱدْعُ } يا أكمل الرسل كل من تدعوه من المجبولين على فطرة التوحيد والإسلام { وَٱسْتَقِمْ } أنت في نفسك على جادة التوحيد { كَمَآ أُمِرْتَ } من قِبل ربك ، ومكن إقدام عزمك عليها معتدلاً حنيفاً مائلاً عن كلا طرفي الإفراط والتفريط { وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ } أي : أهوية أصاب الخلاف والاختلاف ، الضالين المترددين في أودية الجهالات وأغوار الخيلات المنافية لصفاء مشرب التوحيد . { وَقُلْ } يا أكمل الرسل بعد صفاء سرك وخلاء خلدك عن الأكدار الموجبة للاختلاف : { آمَنتُ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ } أي : بجميع ما أنزل لله { مِن كِتَابٍ } مبين موضح لطريق الحق وتوحيده { وَ } قل بعد ذلك أيضاً إظهاراً لدعوتك إياهم : { أُمِرْتُ } من قِبل ربي { لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ } وأبين لكم طريق العدالة الإلهية بمقتضى وحي الله وإلهامه إياي ، فأنا مأمور بتبليغه وتبيينه إياكم وتربيتكم وتكميلكم ؛ إذ { ٱللَّهُ } المدبر لأمور عموم عباده { رَبُّنَا } الذي ربانا للإرشاد والتكميل { وَرَبُّكُمْ } أراد أن يربيكم بالهداية والرشاد ، وإن لم نكن مأمورين من عنده سبحانه لإهدائكم وإرشادكم ما لنا معكم . إذ { لَنَآ أَعْمَالُنَا } أي : جزاء صالحها وفاسدها { وَلَكُمْ } أيضاً { أَعْمَالُكُمْ } كذلك ؛ إذ كل منَّا ومنكم مجزي بما عمل { لاَ حُجَّةَ } أي : نزاع ولا خومة { بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ } بعدما بغلناكم ما أمرنا بتبليغه ، وأوضحنا لكم طريق الحق ، وبالجملة : { ٱللَّهُ } أي : الذات المستجمع لجميع الأسماء والصفات { يَجْمَعُ بَيْنَنَا } وبينكم ، إن تعلق مشيئته بجمعنا { وَ } كيف لا يجمع بيننا سبحانه { إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ } [ الشورى : 15 ] أي : رجوع الكل إ ليه كما هو صدوره منه .