Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 16-19)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } بعد وضوح محجة الحق ومنهج اليقين { ٱلَّذِينَ يُحَآجُّونَ } يجادلون ويخاصمون ، متشبثين بأذيال الجدال والمغالطات الواهية الزائفة { فِي } توحيد { ٱللَّهِ } سيما { مِن بَعْدِ مَا ٱسَتُجِيبَ لَهُ } أي : قَبِله العقل والنقل والكشف الصريح والذوق الصحيح { حُجَّتُهُمْ } التي تمسكوا بها { دَاحِضَةٌ } زائلة باطلة { عِندَ رَبِّهِمْ } الذي رباهم لمصلحة المعرفة والتوحيد { وَعَلَيْهِمْ } بسبب عنادهم وجدالهم بالحق الصريح { غَضَبٌ } نازل من الله { وَلَهُمْ } في النشأة الأخرى { عَذَابٌ شَدِيدٌ } [ الشورى : 16 ] لا عذاب أشد منه وأفزع . فكيف يحاجون أولئك المعاندون في توحيده سبحانه مع أنه هو { ٱللَّهُ } المدبر المصلح لأمور عباده { ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ } لإصلاحهم { ٱلْكِتَابَ } أي : جنس الكتب النازلة من عنده لتبيين مناهج توحيده ملتبساً { بِٱلْحَقِّ } الصريح المعرى عن الباطل الزاهق الزائل مطلقاً { وَ } أنزل على طبق الكتاب { ٱلْمِيزَانَ } أي : جنس الشرائع والأديا التي توزن بها أعمال الأنام وإخلاصهم فيها ، وثباتهم على جادة التوحيد والإسلام ، فعليك يا أكمل الرسل وعلى من تبعك امتثال عموم ما أمر ونهى من أحكام كتابك ، وأن تزن أنت ومن معك أعمالكم وأخلاقكم وأحوالكم بميزان الشرع القديم والدين المستقيم { وَ } بالجملة : { مَا يُدْرِيكَ } أيها المجبول على الدراية والشعور { لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ } الموعودة التي تعذرت دونها التدارك والتلافي { قَرِيبٌ } [ الشورى : 17 ] إتيانها وقيامها ، وعند قيامها تتندمون وما ينفعكم الندم . { يَسْتَعْجِلُ بِهَا } وبقيامها استهزاءً وتهكماً { ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } ولا يصدقون { بِهَا } عناداً ومكابرة ، ويزعمون ألاَّ يلحقهم ما يوعدون فيها من العذاب الروحاني والجسماني { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بها وبما فيها من المواعيد والوعيدات الهائلة ، هم { مُشْفِقُونَ } خائفون { مِنْهَا } ومن إلمامها بغتة قبل تهيئة الإعداد والزاد { وَ } ذلك ؛ لأنهم { يَعْلَمُونَ } يقيناً { أَنَّهَا ٱلْحَقُّ } المحقق إتيانه وقيامها بلا ريب ومرية { أَلاَ } أي : تنبهوا أيها المؤمنون بكمال قدرة الله ووفور حكمته { إِنَّ } المسرفين المكابرين { ٱلَّذِينَ يُمَارُونَ } ويشكن { فَي } قيام { ٱلسَّاعَةِ } الموعود قيامها من قبل الحق مراء ومجادلة { لَفِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } [ الشورى : 18 ] بمراحل عن الهداية الموصلة إلى مقر التوحيد . إذ هم محجوبون بالأغشية الكثيفة الإمكانية ، والأغطية الغليظة الهيولانية ، مع أنه { ٱللَّهُ } المنزه ذاته عن سمة الحدوث والإمكان ، المقدس أسماؤه وصفاته عن وصمة العيب والنقصان { لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ } الخُلَّص { يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ } منهم بالرزق المعنوي ، الموصل إلى مبدئهم ومعادهم ترحماً وتلطفاً معهم { وَ } كيف لا { هُوَ ٱلْقَوِيُّ } القادر المقتدر على عموم مقدوراته الصادرة منه بمقضتى حكمته { ٱلْعَزِيزُ } [ الشورى : 19 ] الغالب على مطلق مراداته الجارية منه حسب اختياره .