Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 27-31)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
بالجملة : كفر عموم الكفرة واستكبارهم وضلالهم ، إنما نشأ من كفرانهم بنعم الله وطغيانهم لأجلها على الله وعلى خُلَّص عباده ، كما أشار إليه سبحانه بقوله : { وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزْقَ } الصوري المستجلب المستتبع لأنواع العتو والاستكبار { لِعِبَادِهِ } المجبولين على الكفران والنسيان بمقتضى بشريتهم وبهيميتهم { لَبَغَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ } بغياً فاحشاً ، واستكبروا على عباد الله ، وظهروا على أوليائه ، ومشوا على وجه الأرض خيلاء مفتخرين بمالهم من الجاه والثروة والرئاسة ، فسرى بغيهم واستكبارهم على الله وعلى أنبيائه ورسله ، فكفروا لذلك ظلماً وعدواناً { وَلَـٰكِن } جرت سنته سبحانه ، واقتضت حكمته على أنه { يُنَزِّلُ } ويفيض { بِقَدَرٍ } أي : مقداراً وتقدير { مَّا يَشَآءُ } على من يشاء بمقتضى حكمته ومشئته ، وبالجملة : { إِنَّهُ } سبحانه { بِعِبَادِهِ } أي : باستعداداتهم وعموم أحوالهم { خَبِيرٌ بَصِيرٌ } [ الشورى : 27 ] يعلم منه ما خفي عليهم وما ظهر دونهم . { وَ } كيف لا يعلم سبحانه سرائر عباده وضمائرهم { هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ } بمقتضى علمه وحكمته { مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ } وآيسوا من نزوله { وَ } بتنزيله وإمطاره { يَنشُرُ رَحْمَتَهُ } الواسعة على جميع أقطار الأرض وأرجائها عناية منه سبحانه إلى سكانها من أجناس المواليد وأنواعها وأصنافها { وَ } كيف لا يرحم سبحانه على مظاهره ؛ إذ { هُوَ ٱلْوَلِيُّ } المولي لعموم أمورهم المنحصرة على ولايتهم ؛ إذ لا ولاية إلا له { ٱلْحَمِيدُ } [ الشورى : 28 ] المستحق لجميع المحامد بذاته ؛ إذ عموم المظاهر وذرائر الأكوان حامدة له سبحانه طوعاً ورغبة حالاً ومقالاً . { وَمِنْ آيَاتِهِ } الدالة على كمال ولايته وتدبيره وتربيته { خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي : إظهار الكائنات العلوية والسفلية بامتداد أظلال أسمائه وصفاته { وَمَا بَثَّ } وبسط { فِيهِمَا } وركب منهما { مِن دَآبَّةٍ } ذي حياة وحركة { وَهُوَ } سبحانه { عَلَىٰ جَمْعِهِمْ } أي : جمع الأظلال والعكوس إلى شمس الذات ، وقبضهم عليها بعد بثهم وبسطهم منها { إِذَا يَشَآءُ } ويريد { قَدِيرٌ } [ الشورى : 29 ] بلا فترة وتقصير . { وَ } اعلموا أيها الأظلال الهالكة في أنفسها { مَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ } مضرة مؤلمة { فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } أي : بسبب اقترافكم المعاصي والآثام { وَ } مع ذلك { يَعْفُواْ } سبحانه { عَن كَثِيرٍ } [ الشورى : 30 ] من المعاصي ، لا يعقبها بمصيبة تخفيفاً لكم وتسهيلاً . { وَ } لو أراد سبحاه تعقيب كل معصية بمصيبة { مَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ } له { فِي ٱلأَرْضِ } أي : ليسي لكم أن تفوتوا شيئاً مما قضى سبحانه عليكم من المصائب المستتبعة لجرائمكم وآثامكم إن شاء ، { وَ } الحال أنكم عاجزون في أنفسكم ، مقهورون تحت قبضة قدرته ؛ إذ { مَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ } يولي أموركم ويحفظكم منها { وَلاَ نَصِيرٍ } [ الشورى : 31 ] ينصركم ويدفع عنكم ما يؤذيكم ويعينك على متبغاكم .