Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 7-10)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وبعدما بلغت وأنذرت لم يبقَ من أمرك شيء { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ } أي : ومثل ما أوحينا إلى من قبلك من الأنبياء كتباً ، وأوحينا { إِلَيْكَ } يا أكمل الرسل أيضاً { قُرْآناً عَرَبِيّاً } نظماً وأسلوباً { لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ } يعني : أهل مكة { وَمَنْ حَوْلَهَا } من أقطار الأرض وأنحائها ، كما أنذر الأنبياء أقوامهم فيما مضى من مطلق الأمور المنافية لسلوك طريق التوحيد وسبيل الهداية والرشاد { وَتُنذِرَ } خاصة { يَوْمَ ٱلْجَمْعِ } أي : الخذلان والحرمان الحاصل لهم يوم الحشر والاجتماع على المحشر ، والوقوف بين يدي الله ، الذي { لاَ رَيْبَ فِيهِ } أي : في إتيانه ووقوعه ، وبعدما اجتمعوا فيه حيارى سكارى هائمين ، يساقون بعدما يحاسبون منهم { فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ } مسرورون مقبولون { وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ } [ الشورى : 7 ] محزونون مطرودون . { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ } الهادي لعباده وأراد هدايتهم جميعاً { لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } مقتصدة معتدلة على مقتضى صرافة الوحدة الذاتية واعتدالها ، { وَلَـٰكِن } راعى سبحانه متقضيات أوصافه وأسمائه المتقابلة ، وشئونه المتخالفة لذلك { يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ } ويوصله إلى فضاء وحدته بمقتضى جوده وحكمته عناية منه وفضلاً ، وولاية لهم ونصراً { وَٱلظَّالِمُونَ } الخارجون عن مقتضى عناية الله ، وولايته بمقتضى قهره وانتقامه إياهم إظهاراً لكمال قدرته { مَا لَهُمْ مِّن وَلِيٍّ } يواليهم ، ويشفع لهم عنده سبحانه { وَلاَ نَصِيرٍ } [ الشورى : 8 ] ينقذهم من عذابه ، فظهر ألا ولاية ولا نصرة إلا لله ، ولا غالب إلا هو ، وإن زعموا آلهة سواه . { أَمِ ٱتَّخَذُواْ } أي : بل أثبتوا { مِن دُونِهِ } سبحانه { أَوْلِيَآءَ } واعقتدوهم شركاء له سبحانه أو شفعاء لهم عندهم ، ولا تنفعهم موالاتهم واتخاذهم بل تضرهم وتغويهم { فَٱللَّهُ } المستقل بالألوهية والربوبية { هُوَ ٱلْوَلِيُّ } المقصور على الولاية ، لا ولي في الوجود سواه { وَهُوَ } بكمال قدرته { يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ } ويميت الأحياء بالإرادة والاختيار ، لا فاعل في الوجود إلا هو { وَ } بالجملة : { هُوَ } باستقلاله واختياره { عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } من مقدوراته ومراداته { قَدِيرٌ } [ الشورى : 9 ] بلا فتور وقصور . { وَ } بعدما ثبت أن الولاية والقدرة منحصرة لله ، لا فاعل في الوجود سواه ، فاعلموا أيها المكلفون بسلوك طريق الحق وتوحيده أن { مَا ٱخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ } أي : من شعائر الدين ومعالم التوحيد واليقين واختلافكم فيه ؛ إذ هل هو مفيد لكم في سلوككم ، أم مفسد له { فَحُكْمُهُ } مفوض { إِلَى ٱللَّهِ } وأمره موكول إلى كتبه ورسله ، فعليكم التعبد والامتثال بما أمرتم به ونهيتهم عنه على ألسنة الرسل والكتب ؛ إذ لا مدبر لأموركم سواه ، ولا متصرف في الوجود إلا هو . { ذَلِكُمُ } الذي سمعتم وصفه واستقلاله في ملكه وملكوته { ٱللَّهُ رَبِّي } وربكم ، فاعبدوه حق عبادته ، وفوضوا أموركم كلها إليه ، وإن خوفتموني بغيره مع أنه لا غير في الوجود معه ، فأنا { عَلَيْهِ } لا على غيره من الوسائل والأسباب العادية { تَوَكَّلْتُ } واتخذته وكيلاً ، يدفع عني مؤنة جميع من عاداني { وَإِلَيْهِ } لا إلى الوسائط { أُنِيبُ } [ الشورى : 10 ] وأرجع في مطلق الملمات والخطوب .