Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 68-69)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قُلْ } لهم يا أكمل الرسل : { يَـٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ } من أمر الدين والإيمان والإطاعة والانقياد { حَتَّىٰ تُقِيمُواْ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ وَ } جميع { مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ } وتمتثلوا بأحكامها ، وتتصفوا بما فيها من مكارم الأخلاق ، ومحاسن الشيم المرضية عند الله ، وتتحققوا بحقائقها ومعارفها المودعة فيها { وَ } الله { لَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ } حين سمعوا منك أمثال هذا ، ناشئاً من { مَّآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } لتأييدك ونصرك { طُغْيَاناً وَكُفْراً } من غاية غيظهم ، وبغضهم معك ، ومع من تبعك من المؤمنين { فَلاَ تَأْسَ } ولا تحزن { عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ } [ المائدة : 68 ] الساترين طريق الحق بأهويتهم الباطلة ، وآرائهم الزائفة الفاسدة . ثم قال سبحانه : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } أسلموا ، وانقادوا ، وامتثلوا بأوامر كتابك واجتنبوا عن نواهيه ، وآمنوا أيضاً بجميع الكتب والرسل ، وجميع الأنبياء وذوي الأديان وغيرها ؛ لتمكنهم في مقر التوحيد البحث ، الخالص عن شوب الكثرة { وَٱلَّذِينَ هَادُواْ } من الممتثلين جميع ما أمر في التوراة ، ونُهي عنه إلى أن وصلوا إلى مرتبة التوحيد ، المسقط للاختلافات الصوري والمعنوي { وَٱلصَّابِئُونَ } الذين يتوسلون بالملائكة في عبادة الله ، لا الصابئون الطبيعيون الذين هم يعبدون الكواكب من صور نظرهم ، وكثافة حجابهم { وَٱلنَّصَارَىٰ } الذين يعلمون على مقتضى الإنجيل بلا فوت شيء من أوامره ونواهيه . { مَنْ آمَنَ } منهم { بِٱللَّهِ } المتوحد بذاته ، المستغني عن الأشياء والأنداد مطلقاً ووصل بمتابعة كتبه المنزلة ، ورسله المبينين لكتبه إلى توحيده { وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } المعدّ للكشف والوصول { وعَمِلَ } عملاً { صَالِحاً } بطريق توحيده { فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } في سلوكهم { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } [ المائدة : 69 ] بعدما وصلوا ؛ إذ كل ما جاء من عند الله إنما هو بمقتضى توحيده ، مبيّن له ، وإن كانت الطرق متعددة بتعدد الأوصاف والأسماء الإلهية لكن كل منها موصلة إليه سبحانه ؛ إذ ليس وراء الله مرمى ومنتهى ، لذلك قيل : التوحيد إسقاط الإضافات رأساً حتى يتحقق الفناء فيه والبقاء به ، بل لا فناء ولا بقاء في مرتبة العماء أصلاً ، حارت في ملكوتك عميقات مذاهب التفكر .