Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 10-12)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُواْ } أي : أيّ شيء يمنعكم عن الإنفاق { فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } تقرباً إليه ، وطلباً لمرضاته ، وامتثالاً لأوامره { وَلِلَّهِ } الغني بذاته ، المستغني عن مطلق مظاهره ومصنوعاته { مِيرَاثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي : العلويات والسفليات والممتزجات ، وهو في ذاته غني عن إنفاقكم وبذلكم ، إلاَّ أنه { لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ } أي : أنفق قبل فتح مكة ممتثلاً لأمر الله ، مجهداً في تقوية دين الإسلام وترويجه وظهوره على الأديان الباطلة ، وتكثير أهل الحق وتغليبه { وَ } مع إنفاقه على المقاتلين في سبيل الله ؛ لإعلاء كلمة توحيده { قَاتَلَ } أيضاً بنفسه ، وسعى ببذل المال والروح في طريق الحق وترويجه { أُوْلَـٰئِكَ } السعداء المنفقون المقاتلون لهم { أَعْظَمُ دَرَجَةً } وأكرم مثوبة ومقاماً عند الله { مِّنَ } المؤمنين { ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ } أي : بعد فتح مكة وغلبة المسلمين ، وظهور دين الإسلام { وَقَاتَلُواْ } بعده مع كثرة المقاتلين . { وَ } بالجملة : { كُلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ } أي : وعد الله كلاًًّ من المسلمين المبادرين ، أو المبطئين الوعد الحسنى ، والدرجة العليا ، والمثوبة العظمة حسب سعيهم واجتهادهم في تقوية الشرع ، وترويج الدين القويم { وَ } بالجملة : { ٱللَّهُ } المطلع بسرائر عباده { بِمَا تَعْمَلُونَ } أي : بعموم أعمالكم وأحوالكم خالصها ومشوبها ، صالحها وفسادها { خَبِيرٌ } [ الحديد : 10 ] بصير لا يعزب عن حضرته شيء منها ، يجازيكم على مقتضى خبرته . ثمَّ قال سبحانه على سبيل الحث والترغيب : { مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ } وينفق في سبيله من أكرم أمواله { قَرْضاً حَسَناً } بلا شوب المنّ والأذى ، وشين السمعة والرياء طلباً لمرضاته سبحانه { فَيُضَاعِفَهُ لَهُ } أي : يضاعف له إخلافه وإعواضه في الدنيا كرامةً عليه ، وفضلاً { وَ } مع ذلك { لَهُ } في الآخرة { أَجْرٌ كَرِيمٌ } [ الحديد : 11 ] وفوز عظيم لا فوز أعظم منه وأكرم ، وهو التحقيق بمقام الرضا والتسليم ، والاستغراق بمطالعة وجه الله الكريم . اذكر يا أكرم الرسل على سبيل التبشير { يَوْمَ تَرَى } أيها المعتبر الرائي { ٱلْمُؤْمِنِينَ } الموحدين الموقنين ، المخلصين { وَٱلْمُؤْمِنَاتِ } أيضاً كذلك { يَسْعَىٰ نُورُهُم } أي : نور يقينهم وعرفانهم { بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } أي : أمامهم وقدامهم { وَبِأَيْمَانِهِم } إذ إتيان الكرامة إنما هو من هاتين الجهتين ، فيقول لهم حينئذٍ من يتلقاهم من الملائكة : { بُشْرَاكُمُ ٱلْيَوْمَ } دخول { جَنَّاتٌ } متنزهات العلم والعين والحق { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } أي : أنههار المعارف والحقائق لا بحسب وقت دون وقت ، بل { خَالِدِينَ فِيهَا } دائمين { ذَلِكَ } أي : الخلود في الجنة الموعودة { هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } [ الحديد : 12 ] لا فوز أعظم منه عند المكاشفين .