Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 57, Ayat: 13-15)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثمَّ عقب سبحانه وعد المؤمنين بوعيد المنافقين فقال أيضاً على وجه التذكير : { يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ } المبطلون المستمرون على النفاق مع أهل الحق { وَٱلْمُنَافِقَاتُ } أيضاً كذلك { لِلَّذِينَ آمَنُواْ } حين يرونهم { يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم } [ الحديد : 12 ] { ٱنظُرُونَا } أيها السعداء المحقون ، والتفتوا نحونا { نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ } إذ نحن في ظلمة شديدة { قِيلَ } لهم حينئذٍ من قِبَل الحق على سبيل التوبيخ والتقريع : { ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ } أي : إلى دار الاعتبار والاختبار { فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً } واقتبسوا من مشكاة النبوة والولاية بامتثال الأوامر والنواهي الموردة من عنده سبحانه على رسله ، وبالحكم والأسرار والصادرة من ألسنة أولي العزائم الصحيحة ، والمنجذبين نحو الحق من طريق الفناء فيه بالموت الأرادي ، واعلموا أن اقترافه واقتباسه إنما هو في دار العبرة والغرور ، لا في دار الحضور والسرور . وبعدما جرى ما جرى { فَضُرِبَ } وحيل حينئذٍ { بَيْنَهُم } أي : بين المؤمنين والمنافقين { بِسُورٍ } حائط حائل { لَّهُ } أي : للسور { بَابٌ } مفتوح يدخل منه المؤمنون { بَاطِنُهُ } أي : باطن الباب { فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ } النازلة من قِبَل الحق بمقتضى اسم الرحمن على أهل الإيمان والعرفان { وَظَاهِرُهُ } أي : ظاهر الباب { مِن قِبَلِهِ } سبحانه بمقتضى اسمه المنتقم { ٱلْعَذَابُ } [ الحديد : 13 ] النازل على أهل النفاق والطغيان . { يُنَادُونَهُمْ } أي : المنافقون المؤمنون حين ستروا عن أعينهم ، وبقوا في الظلمة والعذاب محرومين قائلين متضرعين : { أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ } أيها الرفقاء في دار الدنيا مسلمين منقادين لأحكام الإسلام ، ممتثلين لأوامر الكلام ونواهيه أمثالكم { قَالُواْ } أي : المؤمنون في جوابهم من وراء الحائل : { بَلَىٰ } أنتم معنا ظاهراً { وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ } بالنقاق والشقاق حسب باطنكم { وَ } مع ذلك { تَرَبَّصْتُمْ } وانتظرتم بالمؤمنين المقت والدوائر { وَٱرْتَبْتُمْ } ترددتم وشككتم في حقية الدين القويم ، وظهوره على الأديان كلها { وَ } بالجملة : { غرَّتْكُمُ ٱلأَمَانِيُّ } الأهوية الفاسدة ، والآراء الباطلة مدى العمر ، فانتظرتم بالمؤمنين { رَيْبَ ٱلْمَنُونِ } [ الطور : 30 ] ، وكنتم على أمانيكم هذه وتطيراتكم { حَتَّىٰ جَآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ } الذي هو الموت ، فمتم منافقين مخادعين { وَ } بالجملة : { غَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ } [ الحديد : 14 ] الذي هو شياطين أمَّارتكم وأمانيكم ، وتسويلات نفوسكم وقواكم . وبعدما وقع ما وقع { فَٱلْيَوْمَ } الذي تبلى السرائر فيه { لاَ يُؤْخَذُ مِنكُمْ } أيها المنافقون المخادعون { فِدْيَةٌ } تفدون بها ؛ لتخليصكم من العذاب لا منكم أيها المنافقون { وَلاَ مِنَ } إخوانكم { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } مجاهرين مصرين على ما هم عليه بلا مبالاة إلى الدين والدعوة ، وبالجملة : { مَأْوَاكُمُ } أي : محل رجوعكم وقراركم اليوم جميعاً ؛ أي : { ٱلنَّارُ } المعدة المسعرة لكم أيها المنافقون بالكفر ، والمجاهرون به { هِيَ مَوْلاَكُمْ } أي : النار أولى بكم ، وأليق بحالكم { وَ } بالجملة : { بِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } [ الحديد : 15 ] والمرجع النار المعدة للكفار الأشرار .