Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 57, Ayat: 16-19)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثمَّ قال سبحانه على سبيل الحث والترغيب ، والتمنن والتشويق : { أَلَمْ يَأْنِ } أي : لم يقرب الوقت ، ولم يحضر الأوان { لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } بوحدة الحق ، وبكمالات أسمائه وصفاته { أَن تَخْشَعَ } وتخضع وتلين وترق { قُلُوبُهُمْ } التي هي وعاء الإيمان والعرفان { لِذِكْرِ ٱللَّهِ } المستجمع لعموم الأسماء والصفات ، المسقط لجميع الإضافات { وَمَا نَزَلَ } سبحانه في كتابه المبين لطريق توحيده { مِنَ ٱلْحَقِّ } الحقيق بالامتثال والاتباع من الأوامر والنواهي الموردة فيه ، المتعلقة لتهذيب الظاهر والباطن ، والرموز الإشارات المصفية للسر عن التفات إلى ما سوى الحق . { وَ } بالجملة : { لاَ يَكُونُواْ } - التفسير جرى على رواية رويس - ( وَلاَ تَكُوْنُوْا ) أيها المؤمنون في الإعراض عن كتاب الله ، والانصراف عما فيه من الحكم والمصالح { كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلُ } وهم اليهود والنصارى { فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلأَمَدُ } أي : مضى الزمان بينهم وبين أنبيائهم { فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ } عن الإيمان ، مع أن الكتب بين أظهرهم { وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } [ الحديد : 16 ] خارجون عن دينهم ، تاركون ما في كتابهم من الأحكامم من فرط قساوتهم وغفلتهم ، فلكم ألاَّ تكونوا أمثالهم مع نبيكم ودينكم وكتابكم . { ٱعْلَمُوۤاْ } أيها المؤمنون الموحدون { أَنَّ ٱللَّهَ } المطلع على قابليات عباده واستعداداتهم الفطرية { يُحْيِـي ٱلأَرْضَ } أي : أراضي استعداداتكم بماء المعارف الحقائق ، والمكاشفات والمشاهدات { بَعْدَ مَوْتِهَا } بالجهل والغفلة الناشئة من ظلمات الطبيعة والهيولى ، وبالجملة : { قَدْ بَيَّنَّا } وأوضحنا { لَكُمُ ٱلآيَاتِ } الدالة على هدايتكم وتكميلكم في القرآن العظيم { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } [ الحديد : 17 ] رجاء أن تتأملوا فيها ، وتتعظوا بها ، وتفهموا إشاراتها ، وتعتبروا منها ، وتتفطنوا بما فيها من السرائر المرموزة والحكم المكنونة . ومن علامات تعقلكم واتعاظكم : الصدق بمزخرفات الدنيا ، والتقرب بها نحو المولى { إِنَّ ٱلْمُصَّدِّقِينَ } أي : المتصدقين { وَٱلْمُصَّدِّقَاتِ } أي : المتصدقات { وَ } هم الذين { أَقْرَضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } خالصاً عن شوب المن والأذى ، طالباً لمرضاته سبحانه { يُضَاعَفُ لَهُمْ } صدقاتهم في النشأة الأولى { وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ } [ الحديد : 18 ] في النشأة الأخرى . { وَ } بالجملة : { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ } وأخلصوا في إيمانهم ، وأكدوه بصوالح أعمالهم وإحسانهم { أُوْلَـٰئِكَ } السعداء المقبولون { هُمُ ٱلصِّدِّيقُونَ } المتبالغون في الصدق ، والمقصورون على الإخلاص ، المتمكنون في منهج حق اليقين { وَٱلشُّهَدَآءُ } الكشافون المشاهدون ، الحاضرون { عِندَ رَبِّهِمْ } المستغرقون بمطالعة لقائه { لَهُمْ } في النشأة الأخرى { أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ } الموعود لهم من قِبل الحق على وجه لا مزيد عليه { وَ } المسرفون المفرطون { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بوحدة ذاتنا { وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ } الدالة على استقلالنا في تصرفاتنا عتواً وعناداً { أُوْلَـٰئِكَ } الأشقياء المردودون هم { أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ } [ الحديد : 19 ] أي : ملازموها وملاصقوها ، لا نجاة لهم منها .