Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 57, Ayat: 26-27)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثمَّ قال سبحانه على سبيل التخصيص بعد التعميم ؛ للاعتناء والاهتمام بشأن المذكورين : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً } إلى قومه حين فشا الجدال والمراء بينهم ، وشاع انحرافهم عن المنهج القويم { وَإِبْرَاهِيمَ } حين ظهر الشرك وعبادة الأوثان والأصنام بين قومه { وَ } من كمال تعظيمنا وتكريمنا إياهما : { جَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلْكِتَابَ } أبداً { فَمِنْهُمْ } أي : بعض قليل من ذريتهما { مُّهْتَدٍ وَ } بعض { كَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } [ الحديد : 26 ] خارجون عن جادة العدالة والقسط الإلهي . { ثُمَّ قَفَّيْنَا } وعقبنا { عَلَىٰ آثَارِهِم } أي : بعد انقراضهم { بِرُسُلِنَا } وأيدناهم بالكتب والصحف وأنواع الآيات والمعجزات { وَ } بعدما انقرضوا أيضاً { قَفَّيْنَا } الكل { بِعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ ٱلإِنجِيلَ } وأيدناه بروح القدس { وَ } من كمال صفوته ، ونجابة عرقه وطينته : { جَعَلْنَا فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ } وآمنوا له ، وتدينوا بدينه { رَأْفَةً } عطفاً وليناً إلى حيث يعفون عن القاتل ، ولا يضربون الشاتم والضارب { وَرَحْمَةً } يترحمون بها عموم عباد الله . { وَ } من شدة محبتهم ومودتهم بالنسبة إلى الله ابتدعوا { رَهْبَانِيَّةً } يبالغون بها في العبادات إلى حيث لا يطعمون ، ولا يشربون إياماً ، ولا ينكحون قط ، ولا يختلطون مع الناس ، بل يوطنون نفوسهم في شعب الجبال والكهوف ، وإنما { ٱبتَدَعُوهَا } من تلقاء أنفسهم بلا رخصة منَّا إياهم ؛ إذ { مَا كَتَبْنَاهَا } أي : الرهبانية ، وما فرضناها وقدرناها { عَلَيْهِمْ } في دينهم وكتابهم ، بل ما اختاروها { إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ رِضْوَانِ ٱللَّهِ } وطلباً لمرضاته ، ومع ذلك { فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا } أي : ما وافقت رهبانيتهم بدينهم وكتابهم ؛ إذ كفرا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وهو من أعظم معتقدات دينهم وكتابهم فتركوه ، وأنكروا عليه جهلاً وعناداً { فَآتَيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بمحمد صلى الله عليه وسلم { مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ } أي : أجر إيمانهم وأعمالهم بأضعاف ما استحقوا بأعمالهم { وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } [ الحديد : 27 ] خارجون عن مقتضى دينهم وكتابهم بإنكار محمد صلى الله عليه وسلم .