Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 58, Ayat: 14-17)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثمَّ أشار سبحانه إلى تفضيح المبالغين ، وتوبيخهم فقال : { أَلَمْ تَرَ } أيها المعتبر الرائي { إِلَى } المنافقين { ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ } أي : والوا وتحابوا { قَوْماً غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم } يعني : اليهود ، واختاروا موالاتهم ، وصاحبوا معهم في خلواتهم ، واغتابوا المؤمنين عندهم ، مع أنهم { مَّا هُم } أي : المنافقون { مِّنكُمْ } أيها المؤمنون حقيقةً ، وإن كانوا منكم ظاهراً { وَلاَ مِنْهُمْ } أي : من اليهود ظاهراً ، وإن كانوا منهم حقيقةً { وَ } من شدة شقاقهم ونفاقهم : { يَحْلِفُونَ } بالله { عَلَى ٱلْكَذِبِ } صريحً ، وهو دعوى الإسلام والإخلاء مع المؤمنين { وَ } الحال أنه { هُمْ يَعْلَمُونَ } [ المجادلة : 14 ] كذب أنفسهم ، ويزورون بحلفهم على المؤمنين تغريراً ، مع أنه لا نفع لحلفهم عند الله ، ولا يدفع شيئاً من عذابه . إذ { أَعَدَّ ٱللَّهُ } المراقب على عموم أحوالهم { لَهُمْ } أي : المنافقين الحالفين على الكذب { عَذَاباً شَدِيداً } أشد من عذاب اليهود المجاهرين بالكفر بلا زور وتزوير ، وبالجملة : { إِنَّهُمْ } أهل النفاق من خبث طينتهم ، وشدة شكيمتهم سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ { } [ المجادلة : 15 ] من التمرن على النفاق ، والإصرار بموالاة أهل الشرك والشقاق . قيل : نزلت في عبد الله بن نبتل المنافق ؛ إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً في حجرة من حجراته فقال لجلاسه : " يدخل عليكم الآن رجل قلبه قلب جبار ، ينظر بعين شيطان " فدخل عبد الله بن نبتل ، وكان أزرق ، فقال صلى الله عليه وسلم : " علام تشتمني أنت وأصحابك ؟ ! " ، فحلف بالله ما فعل ، ثمَّ جال أصحابه فحلفوا جميعاً على الكذب ، وبالجملة : { ٱتَّخَذْوۤاْ أَيْمَانَهُمْ } الكاذبة { جُنَّةً } وقاية لدمائهم وأموالهم { فَصَدُّواْ } ومنعوا المؤمنين ؛ بسبب حلفهم الكذب { عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } الذي هو غزوهم وقتلهم في النشأة الأولى { فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } [ المجادلة : 16 ] في النشأة الأخرى ؛ لاستهانتهم بالله بالحلف الكاذب ، ولا يدفع عنهم الإهانة والعذاب يومئذٍ أصلاً . إذ { لَّن تُغْنِيَ } وتدفع يومئذٍ { عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ } عذاب { ٱللَّهِ شَيْئاً } بل { أُوْلَـٰئِكَ } الأشقياء البعداء عن منهج الحق { أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } أي : ملازمومها وملاصقوها ؛ إذ { هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ المجادلة : 17 ] مخلدون ، لا يرجى نجاتهم منها أصلاً .