Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 58, Ayat: 9-13)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } عليكم { إِذَا تَنَاجَيْتُمْ } فيما بينكم { فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ } مثل مناجاة أولئك الأشقياء المردودين ، بل { وَتَنَاجَوْاْ بِٱلْبِرِّ } الموجب لأنواع الخيرات ، الجالب لأكرم المثوبات { وَٱلتَّقْوَىٰ } عن محارم الله ، ولا سيما عن عصيان الرسول المستلزم لأنواع الحرمان والخسران { وَ } بالجملة : { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } المنتقم الغيور { ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } [ المجادلة : 9 ] وترجعون في يوم البعث والجزاء . { إِنَّمَا ٱلنَّجْوَىٰ } والإسراء بالإثمَّ والعدوان ، ومعصية الرسول إنما نشأ { مِنَ ٱلشَّيْطَانِ } المضل الغوي ، إنما يحملهم عليها { لِيَحْزُنَ } نجواهم بهذه الأوزار { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } ويتغمموا بها { وَ } الحال أنه { لَيْسَ } الشيطان ، وما يلقنهم من التناجي بالسوء { بِضَآرِّهِمْ } أي : المؤمنين { شَيْئاً } من الضرر { إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } ومقتضى مشيئته { وَ } بالجملة : { عَلَى ٱللَّهِ } المراقب لعموم أحوال عباده { فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } [ المجادلة : 10 ] وأنه سبحانه يكفي لهم مؤنة شرور أعدائهم ، ونجواهم بالسوء والعدوان . { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } مقتضى أخلاقكم الحسنة ، الموروثة لكم عن إيمانكم وعرفانكم : { إِذَا قِيلَ لَكُمْ } وقت تضيقكم وتحسبكم : { تَفَسَّحُواْ } وتوسعوا { فِي ٱلْمَجَالِسِ } أي : مطلق المجالس المحافل { فَٱفْسَحُواْ } ووسعوا مبادرين بلا مدل وتخرج وتضجر { يَفْسَحِ ٱللَّهُ لَكُمْ } ويوسع عليكم في عموم ما تريدون الوسعة فيه ، بل { وَإِذَا قِيلَ } لكم : { ٱنشُزُواْ } وانهضوا ، واخرجوا من المضائق والمجالس { فَانشُزُواْ } طائعين راغبين ، مريدين الثواب من الله بتوسيعكم على إخوانكم ، ولا تتوهموا الإذلال بالنشوز ، بل { يَرْفَعِ ٱللَّهُ } القادر المقتدر على وجه الإنعام { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ } ونشزوا عن المضائق ؛ لمصلحة إخوانه طوعاً درجات من القرب والمكانة ؛ إذ المؤمن العارف المتمكن في مرتبة اليقين الحقي لا يتفاوت عنده المدح والذم ، والإعزاز والإذلال ، والمضرة والسمرة ، والمنح والمحن مطلقاً . { وَ } بالجملة : { ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } من حضرة العلم الإلهي { دَرَجَاتٍ } لا يكتنه وصفها ولا حصرها { وَ } بالجملة : { ٱللَّهُ } المطلع بضمائركم { بِمَا تَعْمَلُونَ } من الاستكبار والاستكراه ، وتوهم الإذلال والاستنكاف عن الامتثال { خَبِيرٌ } [ المجادلة : 11 ] يجازيكم على مقتضى خبرته . ثمَّ أشار سبحانه إلى تعظيم رسوله صلى الله عليه وسلم ، وتأديب من تبعه من المؤمنين المسترشدين منه فقال : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } مقتضى إيمانكم بالله ، وتصديقكم برسوله : إنكم { إِذَا نَاجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ } وأردتم المناجاة معه ، والاستفادة منه صلى الله عليه وسلم { فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ } أي : قدام مناجاتكم ، وعرض حاجاتكم إليه { صَدَقَةً } تصديقاً لفقراء الله { ذَلِكَ } أي : التصديق لمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم { خَيْرٌ لَّكُمْ } في أولاكم وأخراكم { وَأَطْهَرُ } لنفوسكم من الميل إلى زخارف الدنيا { فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ } ما تنفقون { فَإِنَّ ٱللَّهَ } المطلع على نياتكم { غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ المجادلة : 12 ] على من فقد وجه الصدقة . ثمَّ قال سبحانه على سبيل الرخصة : { ءَأَشْفَقْتُمْ } وخفتم الفقر والفاقة من { أَن تُقَدِّمُواْ } وتصدقوا { بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ } أي : قدام مناجاتكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم { صَدَقَاتٍ } أي : لكل نجوى صدقات ولو كملة طيبة منبئة عن كمال المحبة والوداد { فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُواْ } ولم تصدقوا ؛ بسبب الإشفاق عن الفقر { وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ } أي : قبل منكم توبتكم إن صدرت عنكم على وجه الندم والإخلاص عن جريمة الإشفاق والتحسر على ما فوتم ، وبالجملة : عفا الله عنكم ، وتجاوز عن جريمتكم { فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } المؤقتة المكتوبة { وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ } المفروضة المقدرة { وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } في عموم الأوامر والنواهي على وجه الإخلاص { وَٱللَّهُ } المطلع على ضمائركم ونياتكم { خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [ المجادلة : 13 ] أي : بعموم أعمالكم وإخلاصكم فيها .