Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 59, Ayat: 11-14)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثمَّ قال سبحانه على سبيل التوبيخ والتقريع : { أَلَمْ تَرَ } أيها الرائي { إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ } مع المؤمنين حيث { يَقُولُونَ } في خلواتهم { لإِخْوَانِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } وكان بينهم صداقة الشرك وأخوة الكفر ، وموالاة البغض مع المؤمنين : لا تصالحوا مع هؤلاء المدعين ؛ يعنون : المؤمنين ، وإنَّا معكم ، والله { لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ } من دياركم عنوةً { لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ } ألبتة { وَلاَ نُطِيعُ } ونتبع { فيكُمْ } أي : في قتالكم وحرابكم { أَحَداً أَبَداً } من هؤلاء الأعادي { وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ } ونعاوننكم ألبتة بلا تخلف منَّا { وَٱللَّهُ } المطلع على عموم أفعالهم ونياتهم فيها { يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } [ الحشر : 11 ] في قولهم وعهدهم هذا مع إخوانهم . حيث قال سبحانه : { لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ } ألبتة { وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ } جزماً ، وقد وقع ذلك ، فإن أُبي وأصحابه عهدوا مع بني النضير على هذا ، ثمَّ أخلفوهم ، وهم قد خرجوا من ديارهم ، وهؤلاء لم يخرجوا { وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ } بالفرض والتقدير ، ويقاتلوا معكم أيها المؤمنون من جانب عدوكم ، والله { لَيُوَلُّنَّ ٱلأَدْبَارَ } وقت كركم عليهم { ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } [ الحشر : 12 ] بعد ذلك ؛ لشدة خوفكم ورعبكم في قلوبهم . وبالجملة : { لأَنتُمْ } أيها المؤمنون { أَشَدُّ رَهْبَةً } مرهوبية ومرعوبية راسخة { فِي صُدُورِهِمْ } متمكنة في نفوسهم من قبلكم ، والحال أن تلك الرهبة الشديدة الحاصلة منكم إياهم ناشئة { مِّنَ ٱللَّهِ } إذ هو سبحانه قذفها في صدورهم من جانبكم ، وأقدركم عليها { ذَلِكَ } أي : عدم تفطنهم بمنشئها { بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } [ الحشر : 13 ] ولا يعلمون عظمة الله ، وحق قدره حتى يخشوا منه حق خشيته . وبالجملة : لا تبالوا أيها المؤمنون بودادة المنافقين مع اليهود ، واتفاقهم معهم ؛ إذ { لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً } مجتمعين متفقين { إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ } محصورة ، مسورة بالدروب والخنادق { أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ } يستحصنون بها ؛ وذلك من فرط رعبهم ، وشدة رهبتهم من المؤمنين ، وإلاَّ { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ } أي : حين حارب بعضهم بعضاً ، أو مع غير المؤمنين ، قتالهم شديد وحرابهم عظيم ، وإذا حاربوا مع المؤمنين { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً } مجتمعين ظاهراً في بادئ النظر { وَ } لكن { قُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ } متفرقة مختلفة حقيقةً ؛ لافتراق عقائدهم ، واختلاف مقاصدهم { ذَلِكَ } الافتراق والاختلاف { بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } [ الحشر : 14 ] ولا يفهمون ما هو صلاحهم في الدارين ، وفلاحهم في النشأتين .