Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 124-127)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } من غاية جهلهم ونهاية قسوتهم { إِذَا جَآءَتْهُمْ آيَةٌ } هادية لهم إلى سبيل الرشاد { قَالُواْ } من غاية بغضهم وعنادهم : { لَن نُّؤْمِنَ } بها { حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ } من يدعي أنهم { رُسُلُ ٱللَّهِ } إذ نحن وهم سواء في البشرية وأولى منهم في الرئاسة والنسب ، فكيف يؤتى لهم ولم يؤتَ إلينا ؟ قل لهم يا أكمل الرسل : الوحي والإيتاء بيد الله يؤتي من يشاء ويمنع ممن يشاء ؛ إذ { ٱللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ } لا يعتبر عنده الرئاسة والنسب بلا تفضلاً على من تفضل من عباده بلا التفات إلى نسبه وحسبه يقدر قابليته واستعداده ، المقدر له من عنده في سابق علمه ، { وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ } [ النمل : 70 ] ويقولون إذ { سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ } مغرورين على رئاستهم وجهلهم ونسبهم { صَغَارٌ } مذلة وهوان { عِندَ ٱللَّهِ } حين إحضارهم الحساب والجزاء { وَ } بعدما كشف حالهم وحسابهم لهم { عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ } [ الأنعام : 124 ] . وإذا كان الأمر بيد الله من عنده { فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ } إلى توحيده { يَشْرَحْ صَدْرَهُ } أي : يفسحه ويوسعه { لِلإِسْلَٰمِ } أي : التفويض والاستسلام إلى حيث رضي بجميع ما قضي له ، ومتى رضي بالقضاء يسع الحق فيه فيستولي عليه فيغنيه عن هويته ويبقيه ببقائه السرمدي { وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ } عن فسحة توحيده { يَجْعَلْ صَدْرَهُ } الذي من شأنه أن يسع الحق فيه { ضَيِّقاً } ضنكاً { حَرَجاً } في غاية الضيف باستيلاء لوازم الإمكان عليه ، إلى حيث تضيق الأرض عليه فيتمنى الصعود إلى عالم الأسباب { كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ٱلسَّمَآءِ } أي : يطلب الصعود إلى السماء ، ومن غاية احتياجه واضطراره ، وهذا مثل يضرب به لمن ضاق عليه طرق معاشه { كَذٰلِكَ } أي : كحال من اضطر إلى الصعود نحو السماء { يَجْعَلُ ٱللَّهُ ٱلرِّجْسَ } أي : خذلان الإمكان والحرمان في النشأة الأخرى { عَلَى } القوم { ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } [ الأنعام : 125 ] بتوحيد الله وسعة لطفه وجوده . { وَهَـٰذَا } أي : ما أنزلنا إليك يا أكمل الرسل من القرآن المبين لطريق المعرفة والإيقان { صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً } لا عوج فيها أصلاً موصلاً إلى توحيده { قَدْ فَصَّلْنَا } وأوضحنا فيما أنزلناه إليك { ٱلآيَاتِ } الدالة على توحيدنا { لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ } [ الأنعام : 126 ] يتعظون بها ويتذكرون مبدأهم الذي ينشئون منه ويظهرون عنه وهو الوحدة الذاتية . { لَهُمْ دَارُ ٱلسَّلَٰمِ } أي : مقام التفويض والاستسلام { عِندَ رَبِّهِمْ } بعدما تحققوا بتوحيده { وَهُوَ } بذاته { وَلِيُّهُمْ } ومولى أمورهم { بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ الأنعام : 127 ] أي : بجميع ما كانوا يعملون من الأعمال ؛ إذ هو سمعهم وبصرهم ويدهم ورجلهم وجميع جوارحهم التي صدرت عنها أعمالهم على ما نطق الحديث القدسي صلوات الله وسلامه على قائله .