Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 64, Ayat: 6-9)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ذَلِكَ } الويل والوبال عليهم في النشأة الأولى والأخرى { بِأَنَّهُ } أي : بسبب أن النشأة الأولى والأمر فيما بينهم هكذا { كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم } من عند الله مؤيَّدين { بِٱلْبَيِّنَاتِ } الواضحات ، والمعجزات الباهرات { فَقَالُوۤاْ } بعدما عجزوا عن معارضة معجزاتهم الساطعة ، وحججهم القاطعة على سبيل التعدب والإنكار : { أَبَشَرٌ } مثلنا { يَهْدُونَنَا } ؟ ! كلا وحاشا أن يكون البشر هادين للبشر ، وبالجملة : { فَكَفَرُواْ } بالرسل والمرسِل ، والمرسَل به جميعاً { وَتَوَلَّواْ } عن التدبر والتفكر في الحجج والبينات { وَّٱسْتَغْنَىٰ ٱللَّهُ } عن كل شيء فضلاً عن هدايتهم وطاعتهم { وَٱللَّهُ } المتعزز برداء العظمة والكبرياء { غَنِيٌّ } في ذاته طلق مظاهره ومصنوعاتهخ ، فكيف عن إيمانهم وعبادتهم ؟ ! { حَمِيدٌ } [ التغابن : 6 ] حسب أوصافه وأسمائه ، مستغن عن حمد الحامدين . ومن كمال جهلهم بالله ، وإصرارهم على إنكار قدرة الله على عموم المقدورات : { زَعَمَ } بل ادَّعى العلم المسرفون المعاندون { ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } بالله ، وأنكروا قدرته على البعث والنشور { أَن لَّن يُبْعَثُواْ } من قبورهم ، ولن يُحشروا إلى المحشر ؛ للحساب والجزاء ، وأصرّوا على هذا الزعم الفاسد ، والجهل الظاهر ، واعتقدوه حقاً ، وخيلوه صدقاً مكابرةً وعناداً . { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل بعدما بالغوا في إنكار البعث : { بَلَىٰ } تبعثون أيها المنكرون الجاحدون { وَ } حق { رَبِّي } الذي ربَّاني قابلاً لوحيه وإلهامه ، ومهبطاً لعموم أحكامه المنزلة من عنده { لَتُبْعَثُنَّ } ألبتة { ثُمَّ } بعد البعث والحشر { لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ } أي : جميع ما اقترفتم في النشأة الأولى ، ولتحاسبن عليها ، وتجازُنّ بمقتضاه ، بحيث لا يشذ شيء منها { وَذَلِكَ } التفصيل والإحصاء { عَلَى ٱللَّهِ } العليم البصير { يَسِيرٌ } [ التغابن : 7 ] وإن كان عندكم مشكل عسير . وبعدما سمعتم من كمال قدرة الله ، وإحاطة علمه وخبرته { فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } المستخلف منه { وَٱلنّورِ ٱلَّذِيۤ أَنزَلْنَا } معه تأييداً له ، وتبيناً لدينه ؛ يعني : القرآن الفارق بين الحق والباطل { وَٱللَّهُ } المطلع على ما في استعداداتكم { بِمَا تَعْمَلُونَ } بمقتى القرآن ، وتمتثلون بأوامره ونواهيه ، وبما تذبون عنه وتعرضون منكرين لما فيه من الأوامر والنواهي ، والعبر والأحكام ، والمعارف والحقائق ، والرموز والإشارات { خَبِيرٌ } [ التغابن : 8 ] يجازيكم على مقتضى خبرته . اذكروا أيها المكلفون { يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ } الله { لِيَوْمِ ٱلْجَمْعِ } والحشر ؛ لأجل الحساب والجزاء ؛ إذ يجتمع فيه الملائكة والثقلان { ذَلِكَ } اليوم { يَوْمُ ٱلتَّغَابُنِ } أي : يوم ظهور التغابن والغرور الواقع في نشأة الاختبار الابتلاء { وَ } بالجملة : { مَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ } ويقر بوحدانيته سبحانه { وَيَعْمَلْ } عملاً { صَالِحاً } ليزيد به الإيمان ؛ حتى يصير علمه عياناً ، وعيانه حقاً وبياناً { يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ } ويمحوها عن صحيفة أعماله { وَيُدْخِلْهُ } بمقتضى فضله ولطفه { جَنَّاتٍ } منتزهات العلم والعين والحق { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } المملوءة بمياه المعارف والحقائق المترشحة عن بحر الحياة الأزلي الأبدي ، لا يتحولون من التلذذ بها والتحقق دونها ، بل يصيرون { خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذَلِكَ } التفكير والإدخال لأرباب العناية والإفضال { ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } [ التغابن : 9 ] واللطف الجسيم ، وبالجملة : لا فوز أعظم منه وأكمل .