Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 65, Ayat: 4-7)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه المذكورات من الحدود والآداب في طلاق ذوات الأقراء من المعتدات { وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ } وقنطن { مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ } لكبرهن { إِنِ ٱرْتَبْتُمْ } أي : جهلتم وشككتم في تعيين عدتهن { فَعِدَّتُهُنَّ } بعدما طلقتموهن { ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ } أي : مضيها . رُوي أنه لمَّا نزلت : { وَٱلْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ } [ البقرة : 228 ] قيل : فما عدة النساء اللاتي يئسن ؟ فنزلت : { وَ } كذا أيضاً مضي ثلاثة أشهر عدة النساء { ٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ } بعد ؛ لصغر سنهن أو مرض { وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ } من المطلقات { أَجَلُهُنَّ } ومنتهى عدتهن : { أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } سواء كان الوضع بعد الفرقة بزمان كثير أو قليل . وهذا الحكم متناول للمطلقة ، والمتوفي عنها زوجها ، وإنما لم يعيَّن لأولات الأحمال حدّ معين من أقراء وشهود ؛ لأن المقصود الأصلي من إلزام العدة : حفظ الماء ، استبراء الرحم ؛ لئلا ينجر إلى خلط النسب ، وبالوضع يحصل المقصود على الوجه الأتم ؛ ولهذا لم يحدّ لهن سوى الوضع { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ } ويحفظ نفسه من سخطه ، وطلَّق امرأته على الوجه المسنون ، ولم يركن إلى الطلاق البدعي أصلاً { يَجْعَل لَّهُ } سبحانه { مِنْ أَمْرِهِ } الذي هو فراق زوجته { يُسْراً } [ الطلاق : 4 ] يسهل إليه التزويج الآخر ، ويحسنها له ، ويحبلها له . { ذَلِكَ } المذكور من الأحكام { أَمْرُ ٱللَّهِ } العليم الحكيم { أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ } أيها المكلَّفون ؛ ليصلح مفاسدكم المتعلقة بحكم الطلاق { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ } المنتقم الغيور ، ولم يتجاوز عن مقتضى أمره المبرم ، وحكمه المحكم { يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ } يتغليب حسناته عليها { وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً } [ الطلاق : 5 ] بتضعيف حسناته أضعافاً كثيرة . { أَسْكِنُوهُنَّ } أي : المطلقات { مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم } أيها المطلقون { مِّن وُجْدِكُمْ } أي : من وسعكم ، ومقتضى طاقتكم من ملك ، وإجارة وإعارة { وَلاَ تُضَآرُّوهُنَّ } في السكنى { لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ } حتى يضطررن إلى الخروج { وَإِن كُنَّ } أي : المطلقات { أُوْلاَتِ حَمْلٍ } منكم أيها المطلِّقون { فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } فيخرجن من العدة ، وهذا الحكم ؛ أي : الإنفاق على المعتدة مخصوص بأولات الأحمال من المعتدات ؛ إذ الإنفاق حقيقةً إنما هي لأولات الأولاد دون غيرهن من المعتدات ؛ إذ لا سبب توجبها . وإذا وضعن { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ } أولادكم بعد رفع رابطة النكاح { فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } على الإرضاع ، مثل سائر المرضعات الأجنبيات ، ولا تعللوا بكونهن أمهات للرضيع { وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ } أي : ليأمر بعضكم بعضاً أيها المؤمنون في إرضاع المطلقة ولدها من المطلق { بِمَعْرُوفٍ } مستحسن ، مقبول شرعاً من إعطاء الأجرة الكاملة ، والزيادة عليها مراعاةً للمروءة { وَإِن تَعَاسَرْتُمْ } وتضايقتم في الأجرة عليها { فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ } [ الطلاق : 6 ] غيرها ، إلاَّ أن المروءة تأبى عن أن تعرض الأم من إرضاع ولدها ؛ إذ هي أولى به من غيرها . { لِيُنفِقْ } على المعتدة الحاملة { ذُو سَعَةٍ } ويسر { مِّن سَعَتِهِ } ومقدار وسعه وطاقته على مقتضى نفقتها قبل الفرقة { وَمَن قُدِرَ } وضُيِّق { عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ ٱللَّهُ } من الرزق بلا جبر وتحميل ، إنه { لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ } المنعم الحكيم { نَفْساً إِلاَّ } مقدار { مَآ آتَاهَا } وساق لها من الرزق الصوري ؛ إذ { سَيَجْعَلُ ٱللَّهُ } المنعم المفضل { بَعْدَ عُسْرٍ } دنيوي { يُسْراً } [ الطلاق : 7 ] حقيقياً أخروياً ، فاليسر في الآخرة أولى من الدنيا وما فيها .