Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 68, Ayat: 16-27)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وبالجملة : لا تعطه يا أكمل الرسل ، ولا تلتفت إلى ثروته وسيادته ، فإنَّا بمقتضى قهرنا وجلالنا { سَنَسِمُهُ } ونُعلِّمه بالكيِّ { عَلَى ٱلْخُرْطُومِ } [ القلم : 16 ] أي : أنفه ، بحيث يعرف به في عرصات المحشر . { إِنَّا } بمقتضى قهرنا وانتقاما من أهل مكة { بَلَوْنَاهُمْ } أصبناهم وابتليناهم بالقحط سبع سنين ؛ لكفرانهم بنعمنا التي من معظمها : بعثة الرسول الذي هو أكمل الرسل منهم فكذبوه ، وأنكروا دينه وكتابه ، واستهزءوا به { كَمَا بَلَوْنَآ } وأصبنا { أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ } التي اسمها ضروان ، كانت دون صنعاء بفرسخين لصالحٍ ، كان ينادي الفقراء وقت الصرام ، فلما مات قال بنوه : إن فعلنا ما كان يفعل أبونا لضاق علينا ، فإن المال قليل والعيال كثير ، وكان مال أبينا كثيراً وعياله قليلاً ، فحلفوا ليصرمنها مصبحين خيفةً من المساكين ، كما حكى عنهم سبحانه : { إِذْ أَقْسَمُواْ } يعني : أولاد الصالح وورثته { لَيَصْرِمُنَّهَا } وليقطعنها { مُصْبِحِينَ } [ القلم : 17 ] داخلين في الصباح . { وَلاَ يَسْتَثْنُونَ } [ القلم : 18 ] أي : لا يتكلمون بكلمة : إن شاء الله حين تقاولوا وتقاسموا . وبعدما اتفقوا على تحريم الفقراء ، ولم يفوضوا أمرهم إلى مشيئة الله { فَطَافَ عَلَيْهَا } أي : على الجنة { طَآئِفٌ } بلا مخصوص بها أحاط جميع جوانبها ، لا لما في حواليها من البساتين الأخرى ، ناشئة { مِّن رَّبِّكَ } يا أكمل الرسل { وَهُمْ } حينئذٍ { نَآئِمُونَ } [ القلم : 19 ] في بيوتهم . { فَأَصْبَحَتْ } الجنة ، وصارت { كَٱلصَّرِيمِ } [ القلم : 20 ] أي : صارت كالتي صُرم ثمَّارها بحيث لم يبق فيها شيء ، أو صارت كالليل في أسودادها وإحراقها ، أو كالنهار من غاية يبسه وجفافه . { فَتَنَادَوْاْ } أي : نادى بعضهم بعضاً حال كونهم { مُصْبِحِينَ } [ القلم : 21 ] داخلين في الصباح المعهود للصرام . { أَنِ ٱغْدُواْ } واخرجوا غدوة أيها المُلاَّك { عَلَىٰ حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ } [ القلم : 22 ] قاصدين صرمها وقطعها . { فَٱنطَلَقُواْ } بأجمعهم نحوها { وَهُمْ } حينئذٍ { يَتَخَافَتُونَ } [ القلم : 23 ] ويكتمون ذهابهم عن الناس ، ويسرون كلامهم فيما بينهم . مخافة { أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا ٱلْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِّسْكِينٌ } [ القلم : 24 ] . { وَ } بالجملة : { غَدَوْاْ عَلَىٰ حَرْدٍ } قصد ت ام ، وسرعة كاملة { قَادِرِينَ } [ القلم : 25 ] على القطع بلا مشارك ومعين . { فَلَمَّا } وصلوا إليها { رَأَوْهَا } كذلك { قَالُوۤاْ } في بادئ الرأي : ما هي جنتنا هذه ، بل { إِنَّا لَضَآلُّونَ } [ القلم : 26 ] طريقها . ثمَّ لمَّا تأملوا في أمَارتها قالوا على سبيل الإضراب عن القول الأول من كمال الأسف والحسرة : { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } [ القلم : 27 ] حرمنا عنها وعن خيراتها ؛ لخساستنا وخباثة نفوسنا .