Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 19-22)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَ } بعدما طرد سبحانه إبليس حين امتنع عن السجود قال لآدم اختباراً وابتلاء وتوصية لحفظ مرتبته : { يَآءَادَمُ } المكرم المسجود { ٱسْكُنْ أَنتَ } بمتابعة عقلك الموهوب لك من العقل الكلي { وَزَوْجُكَ } بمتابعة نفسها الفائظة عليها من النفس الكلية { ٱلْجَنَّةَ } التي هي مقر أهل التوحيد ، ومنزل أهل الولاء والتجريد من أرباب الوصول الفائزين بشرف القبول { فَكُلاَ } منها ، واحظاظا من لذاتها الروحانية من حقائقها ومعارفها وشهوداتها وكشوفاتها رغداً { مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ } التي هي من أغذية نفوسكم وأهوية هوياتكم { فَتَكُونَا } بتقربها وتناولها { مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } [ الأعراف : 19 ] الخارجين عن مقتضى أمرنا وحكمنا المستحقين لطردنا ومقتنا . { فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَانُ } أي : أوقعهما في الدغدغة بأمر الشجرة ، وإن كان وسوسة أيضاً عن مقتضيات الحكمة المتقنة الإلهية ، بعدما وصاهما الحق سبحانه ونهاهما عنه ، وليس غرضه إلا نزع لباس الصيانة والتقوى عنهما { لِيُبْدِيَ } أي : يظهر { لَهُمَا مَا وُورِيَ } أي : غطي وسرت { عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا } التي هي مقتضيات بشريتهما وهويتهما الباطلة { وَ } بعدما أشربهما الوسوسة { قَالَ } على وجه الشفقة والنصيحة وإرادة الخير : { مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ } المباركة المزكية عنكم لوث بشريتكم { إِلاَّ } كراهة { أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ } بتناولهما { أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَالِدِينَ } [ الأعراف : 20 ] فيها . { وَ } بعدما نصحهما وأشفقهما وسمعا منه ما سمعا { قَاسَمَهُمَآ } أي : بادر إلى القسم تأكيداً وترويجاً لقوله إياهما قائلاً : { إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّاصِحِينَ } [ الأعراف : 21 ] المشفقين المريدين خيركما . { فَدَلاَّهُمَا } أي : أسقطهما عن معالي العز إلى مهاوي الذل { بِغُرُورٍ } غرهما به على وجه الانتقام { فَلَمَّا } سمعا قوله وقبلا غروره { ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ } مطمعين على ما أغراهما إليه من الشرف والخلود ، وبعدما ذاقا منها { بَدَتْ } ظهرت { لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا } عوراتهما ؛ إذ نزع عنهما لباس التقوى وثياب العصمة { وَ } بعدما نزع لباسهما ظهر سواءتهما { طَفِقَا } أخذا { يَخْصِفَانِ } يلصقان ويلزقان { عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ } أشجار { ٱلْجَنَّةِ } قيل : هي التينة ، وقيل : الكرمة { وَ } بعدما ما بدا منهما ما بدا { أَلَمْ أَنْهَكُمَا } موبخاً مقرعاً : { نَادَاهُمَا رَبُّهُمَآ } أيها المعتديان المسرفان { عَن تِلْكُمَا ٱلشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَآ إِنَّ ٱلشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌ مُّبِينٌ } [ الأعراف : 22 ] ظاهر العداوة ، فلم تسمعا قوله ، وتتبعا أمره ؟ فلما سمعا من ربهما ما سمعا .