Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 77, Ayat: 20-34)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وكيف تكذبون أيها المكذبون بما أُمرتم بتصديقه من لدنَّا ، مع أنكم قد عرفتم قدرتنا عليه وعلى أمثاله ؟ ! { أَلَمْ نَخْلُقكُّم } أيها المجبولون على النسيان { مِّن مَّآءٍ } مسترذل مستنزل { مَّهِينٍ } [ المرسلات : 20 ] في غاية المهانة والخباثة ؟ ! وبعد نزوله { فَجَعَلْنَاهُ } مستقراً { فِي قَرَارٍ } يعني : مقر الرحم { مَّكِينٍ } [ المرسلات : 21 ] مستقر . { إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ } [ المرسلات : 22 ] وأجل معين ، قدَّره الله العليم الحكيم للولادة ، وتسوية الخلق ، والخروج إلى عالم الشهادة . وبالجملة : { فَقَدَرْنَا } على خلقكم من النطفة المهينة ، المكينة في ظلمة الرحم ، وعلى إخراجكم منها إلى فضاء العالم ، وتربيتكم فيها إلى أن صار كل منكم شخصاً ذا رأي ورشد ، قابلاً لحمل التكاليف المثمرة للمعرفة والإيمان . { فَنِعْمَ ٱلْقَادِرُونَ } [ المرسلات : 23 ] المقتدرون نحن على إخراجكم من قبوركم أحياءً كما كنتم في يوم البعث والجزاء . فلمَ تكذبون به أيها المكذبون ، مع أنه { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } [ المرسلات : 24 ] بقدرتنا على الإعادة ؟ ! وكيف تنكرون قدرتنا الكاملة الشاملة على مطلق المقدورات ؟ ! { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ } اليابسة { كِفَاتاً } [ المرسلات : 25 ] جامعة كافية . ضامة { أَحْيَآءً } مرة { وَأَمْوٰتاً } [ المرسلات : 26 ] أخرى ؛ أي : كيف تكف وتجمع الأحياء والأموات من الإنسان على التعاقب والتوالي تارة فيها ، وتارة عليها ؟ ! { وَجَعَلْنَا فِيهَا } وعليها من نوع الإنسان { رَوَاسِيَ } أوتاداً وأقطاباً { شَامِخَاتٍ } عاليات متعاليت عن أن ينال بكنه معارفهم وشهوداتهم إدراك أحد { وَأَسْقَيْنَاكُم } من لدنيَّات أولئك الأوتاد المتعالية أعذار أطوارهم العالية عن إدراك الأنام وإفهامهم { مَّآءً } حياتاً { فُرَاتاً } [ المرسلات : 27 ] سائغاً شرابه لأولي العزائم الصحيحة ، والمشارب الصافية . وبالجملة : { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } [ المرسلات : 28 ] لقدرتنا واقتدارنا على إظهار هذه البدائع التي كلَّت دونها وصف الألسن والأحلام ، ودرك العقول الأفهام ، وكيف يكذبونه إذا عيانوه ؟ ! ويقال لهم حينئذٍ زجراً عليهم وتوبيخاً : { ٱنطَلِقُوۤاْ } وادخلوا أيها المكذبون { إِلَىٰ مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } [ المرسلات : 29 ] من العذاب والنكال ، وأنواع العقوبات والمكروهات . ثمَّ قبل لهم تأكيداً وتشديداً على توبيخهم وتقريعهم : { ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ ظِلٍّ } وأيّ ظل ، ظل { ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ } [ المرسلات : 30 ] متشعبة من القوى البهيمية الوهمية الشهوية ، والغضبية ؛ إذ بها تقترف المعاصي ، وتُكسب جميع الآثام الموجبة لدخول النار . { لاَّ ظَلِيلٍ } إذ لا يدفع ضرر الحرارة ، كسائر الأظلال { وَلاَ يُغْنِي } ويدفع { مِنَ } حر { ٱللَّهَبِ } [ المرسلات : 31 ] الجهنمية ، وإحراق النيرانز وكيف يمكن أن يدفع حر جهنم { إِنَّهَا } أي : جهنم الطرد والخذلان ، وجحيم اللعن والحرمان { تَرْمِي بِشَرَرٍ } وهي ما تطايرت من النار حين التهابها وسوادتها ، وأيّ شرر ، كل شرر { كَٱلْقَصْرِ } [ المرسلات : 32 ] الرفيع في الكبر وعظم المقدار ؟ ! { كَأَنَّهُ } في التتابع والتوالي { جِمَٰلَتٌ } إيل متسلسلة ، مترادفة متتابعة { صُفْرٌ } [ المرسلات : 33 ] لونها ، شبَّهها بها في عظم أجرامها وتتابعها ، ولونها . { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } [ المرسلات : 34 ] بتكذيبهم بهذا العذاب الهائل بعدما أُمروا بتصديقه على ألسنة الرسل والكتب .