Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 89, Ayat: 10-16)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَفِرْعَوْنَ } الطاغي الباغي { ذِى ٱلأَوْتَادِ } [ الفجر : 10 ] أي : ذي العسكر الكثير ، المشتمل على المضارب والخيام ، المشتملة على الأوتاد والأطناب . وهؤلاء المذكورين هم : { ٱلَّذِينَ طَغَوْاْ فِي ٱلْبِلاَدِ } [ الفجر : 11 ] واستكبروا على ضعفاء العباد اتكالاً بما عندهم من المَّال والجاه والثروة والسيادة . { فَأَكْثَرُواْ فِيهَا ٱلْفَسَادَ } [ الفجر : 12 ] أي : أنواع الكفر والظلم والعناد . وبعدما بالغوا في الفساد والإفساد { فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ } [ الفجر : 13 ] أي : نوعاً من العذاب ، كأنه يصب عليهم ويمطر كالمَّاء من السحاب ، وهو كناية عن ترادف موجات الهلاك وتتابعها ، وبالجملة : أهلكهم بأشد العذاب وأكثره . ثمَّ قال سبحانه مخاطباً لحبيبه صلى الله عليه وسلم ، منبهاً له على كمال قدرته على انتقام عصاة عباده : { إِنَّ رَبَّكَ } الذي ربَّاك على كمال المعرفة واليقين { لَبِٱلْمِرْصَادِ } [ الفجر : 14 ] أي : مراقب محافظ لطرق عباده ، يرقبهم سبحانه كيف يسلكون نحوه : هل ي سبيل الضلال والفساد ، أم في طريق الهداية والرشاد ؟ مع أن الكل مجبول على فطرة التوحيد لكن الحكمة الإلهية تقتضي الابتلاء والاختبار . { فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ } المذبذب بين الإحسان والكفران { إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ } اختبره وجربه { رَبُّهُ } بالغنى واليسر { فَأَكْرَمَهُ } بالجاه والثروة { وَنَعَّمَهُ } بالأموال والأولاد { فَيَقُولُ } شكراً لمَّا وصل إليه من النعم ومقتضيات الكرم : { رَبِّيۤ أَكْرَمَنِ } [ الفجر : 15 ] وتفضل عليّ بما أعطاني من الخير والحسنى . { وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ } ربه بالفقر والعسر بعد اليسر { فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ } وقصر على قدر كفايته وحاجته وقوت يومه ، بحيث لم يزد على مؤنة معاشه { فَيَقُولُ } مشكياً إلى الله باثاً للشكوى عنده سبحانه : { رَبِّيۤ أَهَانَنِ } [ الفجر : 16 ] وأذلني ، حيث لم يعط لي ما أعطى لفلان وفلان ، مع أن الفقر خير من الغنى ؛ إذ الفقر لو قرن بالتسليم والرضا لأدى صاحبه إلى جنة المأوى وملك لا يبلى ، والغنى لو لم يقرن بالشكر والإنفاق والإحسان لأدى صاحبه إلى دركات الجحيم وأودية النيران .