Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 101-104)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ } أيها المؤمنون { مِّنَ ٱلأَعْرَابِ } الساكنين في البوادي قوم ، هم { مُنَٰفِقُونَ } معكم ، وإن إظهروا المؤدة والإخاء ، والإيمان على طرف اللسان ، لا تبالوا بإيمانهم ، ولا تغفلوا عن خدعهم { وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ } أيضاً قوم { مَرَدُواْ } أي : رسخوا { عَلَى ٱلنِّفَاقِ } ومن شدة نفاقهم وتمرنهم عليه صاروا بحيث { لاَ تَعْلَمُهُمْ } أيها المتصف بالفراسة الكاملة من غاية تلبيسهم وإخفائهم ، بل { نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ } ونعلم ما في ضمائرهم من الخيالات الفاسدة { سَنُعَذِّبُهُم } في الدنيا { مَّرَّتَيْنِ } مرة بتفضيحهم وإظهار ما في قلوبهم من الأكنة والشقاق ، ومرة بقتلهم وسبيهم وإجلائهم { ثُمَّ يُرَدُّونَ } بعد انقضاء النشأة الأولى { إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ } [ التوبة : 101 ] هو حرمانهم وانحطاطهم عن المرتبة الكاملة الإنسانية التي هي مرتبة الخلافة والنيابة الجامعة لجميع المراتب الكونية والكيانية . { وَ } من أهل المدينة قوم { آخَرُونَ } ليسوا من المصرين على النفاق ، المتمرنين فيه ، بل { ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ } التي صدرت عنهم من المخالفة والبغض والطعن والاستخفاف ، والغيبة حين خلوا مع المنافقين المتمرنين ، وهم وإن صدر عنهم الإيمان والإخلاص ، لكنهم { خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً } من الإخلاص والرضاء ، والتسليم { وَ } عملاً { آخَرَ سَيِّئاً } وهو اتفاقهم مع المنافقين في خوضهم وطعنهم ، بذلك انحطوا عن رتبة المخلصين في جميع حالاتهم { إِنَّ ٱللَّهَ } أي : يوفقهم على التوبة والندامة ، ويقبل منهم توبتهم بعدما أخلصوا فيها { عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ } المصلح لأحوال عباده { غَفُورٌ } لمن تاب وندم عن ظهر القلب { رَّحِيمٌ } [ التوبة : 102 ] يقبل توبتهم إن أفرطوا . { خُذْ } يا أكمل الرسل { مِنْ أَمْوَالِهِمْ } أي : من أموال هؤلاء المذنبين التائبين ، النادمين عمَّا صدر عنهم من المخالفة حين أذنوا لك أن تخرج منها { صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ } عن أدناس الطبيعة المولعة لحب المال والحرص في جمعها ونمائها { وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } أي : تصفي بواطنهم عن الشواغل العائقة عن اللذات الروحانية { وَصَلِّ عَلَيْهِمْ } واستغفر لذنوبهم ، وادع لهم بالدعاء الخير { إِنَّ صَلَٰوتَك } والتفاتك بحالهم { سَكَنٌ لَّهُمْ } أي : سكينة لقلوبهم ووقار وطمأنينة ، وسبب لتقررهم وتثبتهم على جادة التوحيد والإيمان { وَٱللَّهُ } المراقب عليهم في حالاتهم { سَمِيعٌ } لإخلاصهم ومناجاتهم { عَلِيمٌ } [ التوبة : 103 ] بنيَّاتهم وحاجاتهم . { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ } أولئك التائبون ، النادمون المخلصون ، المتضرعون نحو الحق على عفو زلاتهم وتقصيراتهم { أَنَّ ٱللَّهَ } المصلح لأحوالهم { هُوَ } بلطفه وفضله { يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ } بعدما وفقتهم عليها ، ويتجاوز عن سيئاتهم { وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ } من أموالهم ؛ أي : يقبلها منهم تطهيراً لقلوبهم عمَّا يشوشهم من رذائل هوياتهم وتعيناتهم ؛ ليتشمروا نحو الحق مخفين { وَ } لم يعلموا { أَنَّ ٱللَّهَ } المتفضل لعباده { هُوَ ٱلتَّوَّابُ } الرجاع لهم عن مقتضيات نفوسهم نحو جنابة { ٱلرَّحِيمُ } [ التوبة : 104 ] عليهم يوصلهم إلى بابه إن أخلصوا في سلوكهم وتوجههم .