Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 105-108)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَقُلِ } يا أكمل الرسل للمخلفين من الأعراب : { ٱعْمَلُواْ } ما شئتم من الكفر والنفاق { فَسَيَرَى ٱللَّهُ } الرقيب عليكم { عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ } بوحيه سبحانه وإلهامه { وَٱلْمُؤْمِنُونَ } بتبليغه { وَ } اعلموا أيها الغواة المجرمون { سَتُرَدُّونَ } للحساب والجزاء { إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ } أي : السرائر والخفيات التي تسترونها من الكفر والمعاصي { وَٱلشَّهَادَةِ } أي : التي تعلنون بها { فَيُنَبِّئُكُمْ } سبحانه على التفصيل { بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [ التوبة : 105 ] من طغيان نفوسكم ، ويجازيكم عليها . { وَآخَرُونَ } من المتخلفين بعدما تبهوا بقبح صينعهم { مُرْجَوْنَ } مؤخرون ، منتظرون { لأَمْرِ ٱللَّهِ } وحكمه ، وصاروا مترددين بين الخوف والرجاء فيما فعل الله معهم { إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ } أخذاً على ما صدر عنهم بمقتضى عدله { وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ } ويوفقهم على التوبة يمقتضى فضله وسعة رحمته ، وجوده { وَٱللَّهُ } المطلع لخفيات صدورهم { عَلِيمٌ } بإخلاصهم ونيَّاتهم { حَكِيمٌ } [ التوبة : 106 ] في فعله بهم بعد علمه بحالهم . { وَ } من أشدهم كفراً ونافقاً ، وأغلظهم بغضاً وشقاقاً ، هم { ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ } تلبيساً وتغريراً { مَسْجِداً } قاصدين في بنائه { ضِرَاراً } مضرةً وسوءاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين { وَكُفْراً } أي : اشتداداً وزيادة فيه ؛ لأنهم يقصدون بإنشائه وبنائه قتل رسول الله والمؤمنين فيه { وَ } قصدوا أيضاً { تَفْرِيقاً } وتشتيتاً { بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } المجتمعين في مسجد قباء { وَ } بالجملة : إنما يبنونه { إِرْصَاداً } أي : ترقباً وانتظاراً { لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } وهو أبو عامر ، الراهب الذي حارب مع المؤمنين { مِن قَبْلُ } يوم حنين فانهزم ، فهرب إلى الشام ؛ ليذهب إلى قيصر ، فيأتي بجنوده ، وهم منتظرون لمجيئه . { وَ } بعدما ظهر نفاقهم وخداعهم بوحي الله وإلهامه على رسوله { لَيَحْلِفُنَّ } وليقسمن بالأيمان الغليظة { إِنْ أَرَدْنَا } أي : ما قصدنا ببنائه { إِلاَّ ٱلْحُسْنَىٰ } والخير ، وهي الصلاة المقربة نحو الحق والذكر والتسبيح والتوسعة على المؤمنين ، وازدياد شعائر الإسلام { وَٱللَّهُ } المطلع لضمائرهم ومحايلهم { يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } [ التوبة : 107 ] في حلفهم . وإذا عرفت يا أكمل الرسل حالهم ، وحلفهم ، وسوء قصدهم وفعالهم { لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً } للتوجه والصلاة ؛ لكونه مبنياً على الخداع والتزوير { لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ } وبني { عَلَى ٱلتَّقْوَىٰ } عن محارم الله وخالصاً لرضاه { مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ } بني ، وهو مسجد قباء { أَحَقُّ } أي : أليق وأولى { أَن تَقُومَ فِيهِ } للصلاة والميل نحو الحق ؛ إذ { فِيهِ رِجَالٌ } مؤمنون كاملون في الإيمان { يُحِبُّونَ } دائماً { أَن يَتَطَهَّرُواْ } عن المعاصي والآثام ، ويتوجهوا نحو الحق برفض الشواغل ونقض العوائق العلائق { وَٱللَّهُ } المطلع بنياتهم { يُحِبُّ ٱلْمُطَّهِّرِينَ } [ التوبة : 108 ] القاصدين تظهير ذواتهم عن التوجه إلى ما سوى الحق المطلق ، بل عن هوياتهم وتعيناتهم الباطلة .