Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 109-111)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَفَمَنْ أَسَّسَ } ووضع { بُنْيَانَهُ عَلَىٰ } قاعدة محكمة وركن شديد ، هي { تَقْوَىٰ } أي : تحفظ وتحصن { مِنَ اللَّهِ } أي : غضبه وسخطه { وَ } طلب { رِضْوَانٍ } ومثوبة عظيمة ، ومنزلة رفيعة منه { خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ } أي : على طرف واد جوفه السيول والأمطار فسقط البعض ، وأشرف على السقوط والانهدام البعض الآخر ، فوضع عليه بناءه { فَٱنْهَارَ بِهِ } وسقط معه { فِي نَارِ جَهَنَّمَ } أي : الوادي الغائر ، الهائر ، المملوءة من نار الحرمان والخذلان { وَٱللَّهُ } الهادي لخلَّص عباده { لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } [ التوبة : 109 ] الخارجين عن مقتضى أوامره ونواهيه . ومن شدة غيظهم وخبث باطنهم { لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ ٱلَّذِي بَنَوْاْ } يورث ويزيد { رِيبَةً } شكاً وريباً متزايداً { فِي قُلُوبِهِمْ } مترشحاً فيها { إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ } بنيران الحسرة ، وتفتتت وتلاشت بأهوال العذاب إلى حيث لا يتأتى منها الإدراك { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ } بمخايلهم الكامنة في صدورهم { حَكِيمٌ } [ التوبة : 110 ] في جزائها وانتقامها . ثم قال سبحانه تبشيراً للمؤمنين الباذلين مهجهم في سبيل الله : { إِنَّ ٱللَّهَ } المتفضل بالفضل العظيم واللطف الجسيم { ٱشْتَرَىٰ } استبدل { مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ } الفانية في أنفسها ، المعدومة المبذولة في سبيله سبحانه في النشأة الأولى { وَأَمْوَالَهُمْ } المصروفة فيه أيضاً { بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ } الباقية واللذة المستمرة الدائمة ، بدلها لذلك { يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } أولئك المتمثلون بحكم الله ، المصدقون لوعده { فَيَقْتُلُونَ } أعداءه ، فيستحقون المثوبة التي وعد الغزاة المجاهدين { وَيُقْتَلُونَ } ويصلون إلى درجة الشهداء الذين هم أحياء عند الله يُرزقون من موائد أفضاله ، فرحون يوعدون من عنده سبحانه { وَعْداً عَلَيْهِ } بلا خلف فيه { حَقّاً } ثابتاً مثبتاً { فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ وَٱلْقُرْآنِ } المنزلة من عنده { وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ } ووفى العهود استحق { مِنَ ٱللَّهِ } الوعد الموعود { فَٱسْتَبْشِرُواْ } أي : افرحوا واربحوا أيها المؤمنون { بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ } مع ربكم ، بأن استبدلتم الفاني الزائل بالباقي المستمر الدائم { وَذَلِكَ } الموعود لكم { هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } [ التوبة : 111 ] المعد لأرباب العناية .