Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 112-115)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهم { ٱلتَّائِبُونَ } النادمون على ما جرى عليهم من المعاصي ، المحافظون عليها بلا مراجعة أصلاً { ٱلْعَابِدُونَ } بالعزائم الصحيحة والإخلاص التام { ٱلْحَامِدُونَ } الشاكرون ، الصارفون ما أعطاهم الحق من النعم إلى ما أمرهم من المصارف { ٱلسَّائِحُونَ } السائرون ، السالكون في سبيل الحق ؛ لازدياد المعارف والحقائق { ٱلرَّاكِعُونَ } المتوضعون ، المنكسرون لجميع مظاهر الحق ؛ تعظيماً لشأنه { ٱلسَّاجِدونَ } المتذللون ، الواضعون جباههم على تراب المذلة ؛ خضوعاً وانقياداً ، ميلاً ودعاءً { ٱلآمِرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ } المستحسن عقلاً وشرعاً واللسان ، وجميع الجوارح { وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ } المستقبح عقلاً وشرعاً لجميع ما ورد النهي به { وَ } بالجملة : هم { ٱلْحَافِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِ } الموضوعة بين أرباب التكليف القابلين ، المستعدين لسلوك طريق التوحيد { وَبَشِّرِ } يا أكمل الرسل { ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ التوبة : 112 ] الموصوفين بهذه الصفات الجميلة باللذات التي لا يمكن وصفها بلسان التعبير من لدن حكيم خبير . ثم قال سحبانه على طريق النهي عموماً : { مَا كَانَ } أي : ما صحّ وجاز { لِلنَّبِيِّ } الأمي الهاشمي { وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } معه ، وأخلصوا فيه { أَن يَسْتَغْفِرُواْ } ويشفعوا { لِلْمُشْرِكِينَ } بتخفيف العذاب ودخول الجنة { وَلَوْ كَانُوۤاْ أُوْلِي قُرْبَىٰ } من النسب ؛ إذ لا عبرة لقرابة النسب ، بل القرابة المعتبرة هي قرابة الحسب والإيمان ، سيما { مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ } موتهم على الكفر والجاهلية { أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ } [ التوبة : 113 ] أي : ملازموها وملاصقوها ، لا نجاة لهم منها ؛ لإصرارهم على موجبها . { وَ } لا يرد على هذا استغفار إبراهيم لأبيه ؛ إذ { مَا كَانَ ٱسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ } على سبيل الشفاعة والشفقة ، والعطف الموجب لها ، بل ما هو { إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ } وعهد { وَعَدَهَآ إِيَّاهُ } حين أراد أن يخرجه من الكفر والشرك ، بأن يستغفر له ما تقدم من ذنبه إن آمن فاستغفر قبل الإيمان إنجازاً لوعده ليلين قلبه { فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ } ظهر عنده { أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ } مصر على كفره ، مطبوع على قبله { تَبَرَّأَ مِنْهُ } واسترجع إلى الله منيباً ؛ لاجترائه واستغفاره في حق أبيه ، مع عدم العلم باستعداده وتوفيق الله إياه { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ } مع كونه متحققاً بمقام الخلة مع الله { لأَوَّاهٌ } كثير التأوه والتحزن عن أمثال هذه الجرأة { حَلِيمٌ } [ التوبة : 114 ] كثير الشفقة والمرحمة على أهل الغفلة ؛ لظهوره على مقتضى اللطف والجمال . { وَ } اعلموا أيها المؤمنون { مَا كَانَ ٱللَّهُ } المصلح لأحوال عباده { لِيُضِلَّ قَوْماً } ويسميهم ضلالاً وفساقاً { بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ } للإيمان والإسلام { حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُم } وينبه عليهم { مَّا يَتَّقُونَ } ويحذرون من المحارم والمعاصي ؛ لامتناع تكليف الغافل ، ثم بعد ارتكاب المحذور به يسميهم ما يسميهم ، ويأخذهم منتقماً عليه { إِنَّ ٱللَّهَ } المدبر لأمور عباده { بِكُلِّ شَيْءٍ } مما يتعلق بصلاحهم وإصلاحهم { عَلِيمٌ } [ التوبة : 115 ] لا يعزب عن علمه شيء ، فعليكم أيها المؤمنون أن تفوضوا أموركم كلها إلى الله .