Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 37-39)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَمَا كَانَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ } المقصود من هذا الكلام ، الرد على من كذب القرآن ، وزعم أن ليس من عند الله ، والمعنى : لا ينبغي لهذا القرآن أن يختلق ويفتعل ، لأن تراكيبه الحسنة أعجزت العالمين ، وذلك لأن حسن الكلام على حسب سعة علم المتكلم واطلاعه ، ولا أحد أعلم من رب العالمين فلذلك أعجز الخلائق جميعاً لكونه في أعلى طبقات البلاغة ، ولذلك قال صاحب الهمزية : @ أعجز الإنس آية منه والجن فهلا أتى به البلغاء @@ إلى أن قال : @ سور منه أشبهت صوراً منا ومثل النظائر النظراء @@ قوله : ( أي افتراء ) أشار بذلك إلى أن خبر كان { أَن } وما دخلت عليه في تأويل مصدر . قوله : { وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ } هذا الاستدراك وقع أحسن موقع ، لأنه وقع بين نقيضين : الكذب والصدق ، وتصديق بالنصب خبر لكان مقدره ، والتقدير ولكن مكان تصديق إلخ ، أو مفعول لأجله بفعل محذوف ، قدره المفسر بقوله : ( أنزل ) ، و { تَصْدِيقَ } بمعنى مصدق ، أو بولغ فيه ، حتى جعل نفس التصديق على حد زيد عدل ، وكذا يقال في قوله : { وَتَفْصِيلَ ٱلْكِتَابِ } . قوله : ( من الكتب ) أي السماوية المنزلة على الأنبياء . قوله : { وَتَفْصِيلَ ٱلْكِتَابِ } أي مفصل لما في الكتاب ، وهو اللوح المحفوظ ، فالقرآن مفصل لما كتب في اللوح المحفوظ ، من علم ما كان وما يكون ، وما هو كائن في الدنيا والآخرة ، فمن أعطي شيئاً من أسرار القرآن ، فلا يحتاج للإطلاع على اللوح المحفوظ ، بل يأخذ منه ما أراده . قوله : ( وغيرها ) أي المغيبات . قوله : { لاَ رَيْبَ فِيهِ } حال من التصديق والتفصيل ، وهذا هو الأظهر . قوله : ( متعلق بتصديق أو بإنزال ) أي يكون قوله : { لاَ رَيْبَ فِيهِ } معترضاً بين المتعلق والمتعلق . قوله : ( وقرىء ) أي شاذاً . قوله : { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ } أم منقطعة وتفسر ببل والهمزة ، والمعنى أنهم أصروا على تلك المقالة ، ولم يذعنوا للحق . قوله : ( اختلقه محمد ) أي افتعله وليس من عند الله . قوله : { قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ } هذا تبكيت لمقالتهم الفاسدة ، وهي جواب الشرط مقدر ، والتقدير إن كان الأمر كما تزعمون ، فأتوا بسورة مثله . واعلم أن مراتب تحدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرآن أربعة . أولها : أنه تحداهم بجميع القرآن . قال تعالى : و { لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنْسُ وَٱلْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ } [ الإسراء : 88 ] . ثانيها : أنه تحداهم بعشر سور . قال تعالى : { قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَٰتٍ } [ هود : 13 ] ثالثها : أنه تحداهم بسورة واحدة . قال تعالى : { قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ } رابعها : أنه تحداهم بحديث مثله كما قال تعالى : { فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ } [ الطور : 34 ] . قوله : { مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ } أي من آلهتكم وغيرها من جميع المخلوقات . قوله : { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } شرط حذف جوابه لدلالة ما قبله عليه ، أي فأتوا بسورة وادعوا ، إلخ . قوله : { بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ } أي بفهم ألفاظه ومعانية العظيمة ، فتكذيبهم لعدم فهمهم معناه ، وجهلهم بفضله ، ففي المثل : من جهل شيئاً عاداه ، وقال البوصيري : @ قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم @@ قوله : { وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ } أي لم ينزل بهم الوعيد ، فيحملهم على التصديق قهراً ، فتكذيبهم لأمرين جهلهم بفضله ، وعدم إتيان الوعيد لهم . قوله : ( من الوعيد ) وهو العذاب الموعود به . قوله : { كَذَلِكَ } ( لتكذيب ) أشار بذلك إلى أن الكاف بمعنى مثل ، نعت لمصدر محذوف ، أي مثل ذلك التكذيب كذبوا رسلهم . قوله : ( فكذلك نهلك هؤلاء ) أي بأن نسلطكم عليهم لتقتلوهم وليس المراد الهلاك العام بالخسف والمسخ مثلاً ، فإن ذلك مرفوع ببركته صلى الله عليه وسلم .