Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 54-57)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ } إلخ . المعنى امتنع افتداء كل نفس من العذاب لامتناع ملكها لما تفتدى به ، وهو جميع ما في الأرض . قوله : ( كفرت ) أي وماتت على كفرها . قوله : { لاَفْتَدَتْ بِهِ } أي لجعلته فداء لها من العذاب ، لكنه لا يحصل ذلك . قوله : { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ } الضمير عائد على الرؤساء ، والأسرار على حقيقته . والمعنى أن الرؤساء حين يرون العذاب يخفون الندامة خوف التعبير ، وهذا ما مشى عليه المفسر ، وقيل إن أسروا بمعنى أظهروا ، من تسمية الأضداد ، ولعل هذا هو الأقرب . قال تعالى : { أَن تَقُولَ نَفْسٌ يٰحَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطَتُ فِي جَنبِ ٱللَّهِ } [ الزمر : 56 ] الآية . قوله : { لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ } ظرف لأسروا بمعنى حين ، أو شرط حذف جوابه لدلالة ما قبله عليه . قوله : ( مخافة التعبير ) أي التوبيخ الواقع من الأتباع لهم . قوله : ( بين الخلائق ) أي فيقضى للمسلمين بالجنة ، وللكفار بالنار ، ويصح أن يكون المعنى بين الظالمين المظلومين . قوله : ( العدل ) أي وهو عدم الجوز والظلم . قوله : { أَلاۤ } أداة تنبيه ، يؤتى بها للاعتناء بما بعدها ، ومناسبة هذه الآية لما قبلها ، أنه لما ذكر أن كل نفس كافرة ، تتمنى أنها لو تملك ما في الأرض لافتدت به ، بين هنا أنه لا يملك ذلك لعدم ملكها ، فإن لله ما في السموات والأرض . قوله : { أَلاَ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } أي لا محيص عنه ، بل هو واقع ولا بد . قوله : { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } أي لقصور عقولهم بسبب استيلاء الغفلة عليهم فينكرون ذلك ، والتعبير بأكثر ، إشارة إلى أن الأقل يعلم ذلك ، وهو واحد من ألف ، لما تقدم في الحديث : " يا آدم أخرج بعث النار من ذريتك ، فيخرج من كل ألف واحداً للجنة والباقي للنار " قوله : ( فيجازيكم بأعمالكم ) أي خيرها وشرها . قوله : ( أي أهل مكة ) أشار بذلك إلى أن الخطاب لهم ، ولكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب . قوله : { مَّوْعِظَةٌ } مصدر وعظ بمعنى ذكر وأرشد لما ينفع من محاسن الأعمال ، وزجر عما يضر من قبائحها . قوله : { مِّن رَّبِّكُمْ } صفة لموعظة ، وفي هذا تنزل من الله لعباده ، كأن الله يقول : الفداء في الآخرة لا ينفع ، وأما في الدنيا فذلك نافع . قوله : { وَشِفَآءٌ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ } المراد بها القلوب ، من باب تسمية الحال باسم المحل ، والمعنى أن القرآن مذكر وواعظ ، وبه الشفاء لما في القلوب من الحقد والحسد والبغض والعقائد الفاسدة . قوله : { وَهُدًى } أي نور يقذف في قلوب الكاملين ، يميزون به الحق والباطل ، وفي هذه الآية إشارة إلى الشريعة والطريقة والحقيقة ، فأشار للشريعة بقوله : { مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ } لأن الشريعة بها تطهير الظواهر ، وأشار للطريقة بقوله : { وَشِفَآءٌ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ } لأن الطريقة بها تطهير البواطن عن كل ما لا ينبغي ، وأشار للحقيقة بقوله : { وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } لأن بالحقيقة التجلي بالأنوار الساطعة في القلوب التي يرى بها الأشياء على ما هي عليه فعند ذلك يرى الله في كل شيء ، وأقرب إليه من كل شيء ، علماً ذوقياً ، لا علماً يقينياً ، فالحقيقة ثمرة الطريقة ولا تحصل إلا بعد التخلق بالطريقة والشريعة ، ولذا قيل : حقيقة بلا شريعة باطلة ، وشريعة بلا حقيقة عاطلة .