Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 9-10)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } هذا مقابل قوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا } إلخ . و { إِنَّ } حرف توكيد ونصب ، و { ٱلَّذِينَ } اسمها ، و { آمَنُواْ } صلته ، وجملة { يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ } خبر { إِنَّ } قوله : { آمَنُواْ } أي صدقوا بالله ورسوله واليوم الآخر ، والقدر خيره وشره ، حلوه ومره . قوله : { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } أي الأعمال المرضية لله ورسوله . قوله : { يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ } أي يوصلهم لدار السعادة وحذف المعمول للعلم به . قوله : { بِإِيمَانِهِمْ } أي بسبب تصديقهم بالله ورسله ، أي وبسبب أعمالهم الصالحة أيضاً ، فالإيمان والأعمال الصالحة ، سببان موصلان لدار السعادة ، أو المراد بالإيمان الكامل ، ليشمل الأعمال . قوله : ( بأن يجعل لهم نوراً يهتدون ) أي وتصور لهم الأعمال الصالحة بصورة حسنة ، عند خروجهم من القبور ، وتقول لصاحبها : كنت أسهرك في الدنيا ، وأتعبك فيها ، فاركب على ظهري ، وذلك قوله تعالى : و { نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } [ مريم : 85 ] بخلاف الكافر ، فيحشر يوم القيامة أعمى ، لا يهتدي إلى مقصوده ، ويأتيه عمله السيىء فيقول له : كنت متلذذاً بي في الدنيا ، فأنا أركبك اليوم ، وذلك قوله تعالى : { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ } [ الأنعام : 31 ] . قوله : { فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } أي بساتين التنعيم ، وهذا الاسم يطلق على جميع الجنات ، والمعنى أن المؤمنين العاملين للصالحات يوصلهم ربهم لدار كرامته ومحل سعادته ، تجري الأنهار بجانب قصورهم ، ينظرون إليها من أعلى أماكنهم . قوله : ( طلبهم لما يشتهونه في الجنة أن يقولوا ) إلخ ، أي فهذه الكلمة علامة بين أهل الجنة والخدم في جميع ما يطلبونه ، فإذا أرادوا الأكل مثلاً قالوا سبحانك اللهم ، فيأتونهم بالطعام على الموائد ، كل مائدة ميل في ميل ، في كل مائدة سبعون ألف صحفة ، في كل صحفة لون من الطعام ، لا يشبه بعضها بعضاً ، فإذا فرغوا من الطعام ، وحمدوا الله على ما أعطاهم ، وذلك قوله : { وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } والمراد بما يشتهونه في الجنة ، ما كان محموداً في الدنيا ، فلا يقال : إن نفوس الفساق قد تشتهي اللواط مثلاً فيفيد أنه يحصل في الجنة ، لأنه يقال : المراد بما يشتهونه ، ما ليس بشهوات شيطانية لأنهم عصموا منا بالموت ، فلا تخطر ببالهم في الجنة ، ولا يميل إليهم طبعهم ، وكذلك يقال في شهوة المحارم ، كالأم والبنت ، وأيضاً أهل الجنة ، لا أدبار لهم ، ولا يتغوطون فيها ، لما في الحديث : " أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ولا يتفلون ، ولا يبولون ، ولا يتغوطون ، ولا يتمخطون ، قالوا فما بال الطعام ؟ قال : جشاء ، ورشح كرشح المسك ، يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس " . قوله : { وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } التحية ما يحيا به الإنسان من الكلام الطيب . قوله : ( فيما بينهم ) أي أو تحية الملائكة لهم . قال تعالى : { وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلاَمٌ عَلَيْكُم } [ الرعد : 23 - 24 ] أو تحية الله لهم . قال تعالى : { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } [ يس : 58 ] . قوله : { وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ } أي خاتمة تسبيحهم في كل مجلس أن يقولوا : { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } وليس معناه انقطاع الحمد ، فإن أقوال أهل الجنة وأحوالها لا آخر لها . قوله : ( مفسرة ) اعترض بأن ضابط المفسرة مفقودة هنا ، إذ ضابطها أن يتقدمها جملة فيها معنى القول دون حروفه ، وهنا تقدمها مفرد ، فكان المناسب أن يقول مخففة من الثقيلة ، ويكون اسمها ضمير الشأن ، وجملة { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } خبرها . قوله : { أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } أي فأهل الجنة يبتدئون مطالبهم بالتسبيح ، ويختمونها بالتحميد . فتلذذهم بالأكل والشرب وسائر النعيم لا يشغلهم عن ذكر الله وشكره . قوله : ( ونزل لما استعجل المشركون العذاب ) أي لما بين الله سبحانه وتعالى ، أن يجيب الداعي بالخير . أدب عباده بأنهم لا يطلبون الشر ، بل يطلبون الخير فيعطون ، وقوله : ( لما استعجل المشركون ) قيل : النضر بن الحرث وغيره حيث قالوا : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك ، فأمطر علينا حجارة من السماء .