Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 17-20)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ } لما تقدم ذكر أوصاف أهل الدنيا الغافلين عن الآخرة وعاقبة أمرهم ذكر أوصاف أهل الآخرة ، الذين يريدون بأعمالهم وجه ربهم ، واسم الموصول مبتدأ خبره محذوف ، قدره المفسر فيما يأتي بقوله : ( كمن ليس كذلك ) جواب الاستفهام محذوف قدره بقوله : ( لا ) وقد صرح بهذين المحذوفين في قوله تعالى : { أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ } [ السجدة : 18 ] . ( بيان ) أي نور واضح ودليل ظاهر ، وذلك نظير قوله تعالى : { أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ } [ الزمر : 22 ] . قوله : ( وهو النبي ) أي وعليه فالجمع للتعظيم في قوله : { أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } ، وقوله : ( أو المؤمنون ) والجمع فيها ظاهر ، وفي نسخة والمؤمنون ، وهي ظاهرة . قوله : ( وهو القرآن ) تفسير للبينة ، وقد أخذ هذا التفسير مما يأتي في سورة البينة في قوله تعالى : { حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ * رَسُولٌ مِّنَ ٱللَّهِ يَتْلُواْ صُحُفاً مُّطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } [ البينة : 1 - 3 ] . قوله : { وَيَتْلُوهُ } الضمير عائد على من . قوله : ( وهو جبريل ) تفسير للشاهد ، والمعنى من كان متمسكاً بالحق ، والحال أنه يتبعه شاهد من الله يصدقه على ذلك وهو جبريل ، لأنه مقوي ومصدق للرسول ، ويصح أن يكون المراد بالشاهد معجزات القرآن ، والضمير في { مِّنْهُ } إما عائد على الله أو على القرآن ، والمعنى على هذا ، ويتبعه شاهد يشهد بكونه من عند الله وهو الإعجاز في نظمه واشتماله على عجائب المغيبات في معناه ، فلا يستطيع أحد أن يأتي بمثله ، كلاً أو بعضاً ويصح أن يراد بالشاهد ، المعجزات الظاهرة على يد رسول الله مطلقاً . قوله : { وَمِن قَبْلِهِ } الجار والمجرور حال من كتاب موسى ، الواقع معطوفاً على شاهد . قوله : ( شاهد له أيضاً ) الأوضح أن يقول يتلوه أيضاً ، إذ هو المسلط عليه . قوله : { إِمَاماً } أي مقتدى به . قوله : { وَرَحْمَةً } أي إحساناً ولطفاً لمن أنزل إليهم . قوله : ( أي من كان على بينة من ربه ) أشار بذلك إلى أن اسم الإشارة عائد على قوله : { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ } . قوله : { وَمَن يَكْفُرْ بِهِ } اسم الموصول راجع لقوله : ( كمن ليس كذلك ) فهو لف ونشر مرتب . قوله : { فَلاَ تَكُ } أصله تكون ، دخل الجازم فسكنت النون فالتقى ساكنان ، حذفت الواو لالتقائهما ، وحذفت النون تخفيفاً . قوله : { فِي مِرْيَةٍ } بكسر الميم باتفاق السبعة ، وقرىء شذوذاً بضمها وهي لغة قليلة ، وهو خطاب للنبي والمراد غيره . قوله : { إِنَّهُ ٱلْحَقُّ } أي الثابت والذي لا محيص عنه . قوله : { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ } يفيد أن الأقل مؤمن ، وهو كذلك في كل زمن إلى يوم القيامة ، وإنما خص المفسر أهل مكة ، لكون أصل الخطاب لهم . قوله : ( أي لا أحد ) أشار بذلك إلى أن الاستفهام إنكاري بمعنى النفي ، وهذا شروع في ذكر أوصافهم ، وقد ذكر منها هنا أربعة عشر وصفاً أولها قوله : { وَمَنْ أَظْلَمُ } وآخرها قوله : { لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ } [ هود : 22 ] . قوله : { أُوْلَـٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ } أي عرض فضيحة وهتك ستر . قوله : ( وهم الملائكة ) أي والنبيون والأصفياء . قوله : { أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ } هذا من كلام الله تعالى لهم يوم القيامة ، فيطردون بذلك عن الرحمة الصالحة في الآخرة ، وليس المراد أنهم يطردون عن رحمة الدنيا . قوله : { ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي يمنعون الناس عن الدخول في دين الإسلام ، والمعنى أنهم كما ضلوا في أنفسهم ، يضلون غيرهم . قوله : { وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً } أي ينسبونها للاعوجاج ، والحال أنه قائم بقلوبهم . قوله : { أُولَـٰئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ } أي فارين من عذاب الله ، لأن الله وإن أمهلهم لا يهملهم . قوله : { مِنْ أَوْلِيَآءَ } من زائدة في اسم كان ، والمعنى ليس لهم أنصار من غير الله ، يمنعون عذاب الله عنهم . قوله : ( بإضلالهم غيرهم ) أشار بذلك إلى جواب سؤال ، وأراد على الآية . وحاصله ، أن المضاعفة مخصوصة بالحسنات ، وأما السيئات فلا تضاعف . قال تعالى : { وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَىۤ إِلاَّ مِثْلَهَا } [ الأنعام : 160 ] فأجاب المفسر : بأن معنى المضاعفة الشدة ، لأنهم يعذبون عذابين ، عذاباً على ضلالهم في أنفسهم ، وعذاباً في إضلالهم غيرهم . قوله : { مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ } أي لم يقبلوه لوجود الحجاب على قلوبهم . قوله : { وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ } أي لم يقدروا على ذلك .