Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 5-7)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ } إنما نهاه أبوه عن ذلك لأنه من رؤياه أن الله تعالى يصطفيه لرسالته ويفوق إخوانه فخاف عليه حسدهم ، ويؤخذ من ذلك ، أن الإنسان إذا رأى خيراً في منامه ، لا يخبر به إلا حبيباً أو لبيباً غير حسود ، لما قيل : إن الرؤيا على رجل طائر متى قصت وقعت ، بخلاف رؤيا المكروه ، فلا يقصها ، لما في الحديث : " إذا رأى أحدكم ما يحب ، فلا يحدث بها إلا من يحب ، وإذا رأى ما يكره ، فليتفل عن يساره ثلاثاً ، وليتعوذ بالله من الشيطان وشرها ، فإنها لا تضره " قوله : ( والشمس أمك والقمر أبوك ) حكمة تأويل أمه بالشمس ، لأنها يظهر منها الأقمار وهم الأنبياء ، وأبيه بالقمر ، لأن القمر يهتدى به في الظلم ، فكذلك الرسل يهتدى بهم في ظلمات الجهل والشرك ، والإخوة بالكواكب ، لأن نورهم لا يبلغ نور أبيهم ، إما لأنهم أنبياء فقط وليسوا برسل ، أو أولياء فقط وليسوا بأنبياء ، وما مشى عليه المفسر ، من أن المراد بالشمس أمه أحد قولين ، وقيل إن أمه راحيل قد ماتت ، والمراد بالشمس خالته ليا . قوله : { إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } أي فيوقع الإنسان في المعاصي لفرط عداوته له . واعلم أن ما وقع من إخوة يوسف معه مما يأتي في القصة ، باق على ظاهره ، ولا تأويل فيه على القول بعدم نبوتهم ، لأن الولي تجوز عليه المعصية ، ولكن لا يصر عليها بل يتوب ، وهؤلاء آل أمرهم لحسن التوبة ، وأما على القول بنبوتهم ، فهو مشكل غاية الإشكال ، إذ كيف يقع ذلك من الأنبياء ؟ فأجاب العلماء على ذلك ، بأن هذا مبني على أن النبي معصوم بعد النبوة لا قبلها ، أو كانوا لم يبلغوا الحلم ، وكل هذا ليس بسديد ، بل الحق أن النبي معصوم ظاهراً وباطناً ، قبل النبوة وبعدها ، وإنما الواجب الذي يشفي الغليل ويريح العليل أن يقال : إن الله أطلعهم على أن يوسف يعطي النبوة والملك بمصر ، ولا يتصور ذلك إلا بهذا الفعل ، فهم مأمورون به باطناً مخالفون ظاهراً ، إذ ليسوا مشرعين ، فلا يكلمون إلا بخلوص بواطنهم مع ربهم ، ونظير ذلك قصة الخضر مع موسى ، حيث قال بعد ما فعل ما فعل : { وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي } [ الكهف : 82 ] ، فهم مأمورون بحكم الباطن ، مخالفون بحكم الظاهر ، وقصة آدم في أكله من الشجرة ، وتقدم ما يفيد ذلك في البقرة بأبلغ وجه . قوله : { وَكَذٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ } أي كما رفع منزلتك بهذه الرؤيا العظيمة ، يختارك ويصطفيك ربك . قوله : ( تعبير الرؤيا ) أي تفسيرها . قوله : { وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ } أي يصل نعمة الدنيا بنعمة الآخرة . قوله : { وَعَلَىٰ ءَالِ يَعْقُوبَ } لم يقل بالنبوة إشارة للخلاف في نبوتهم . قوله : { إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ } إما بدل من أبويك ، أو عطف بيان عليه . قوله : { عَلِيمٌ } ( بخلقه ) أي فيصطفي من يشاء ، وقوله : { حَكِيمٌ } ( في صنعه ) أي فيضع الأشياء في محلها . قوله : { لَّقَدْ كَانَ } اللام موطئة لقسم محذوف ، والتقدير والله لقد كان إلخ . قوله : ( وهم أحد عشر ) أي وهم : يهودا وروبيل وشمعون ولاوي وريالون ويشجر ، وهؤلاء الستة من بنت خال يعقوب ليا ، ثم بعد موتها تزوج أختها راحيل ، وقيل جمع بينهما ولم يكن لجمع بين الأختين محرماً في شرعه ، فولدت له بنيامين ويوسف ، وأما الأربعة الباقية : دان ونفتالي وجاد وآشر ، فمن سريتين زلفة وبلهة . قوله : { آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ } أي وغيرهم ، ففيه اكتفاء ، وذلك أن اليهود لما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة يوسف ، وقيل سألوا عن انتقال أولاد يعقوب ، من أرض كنعان إلى أرض مصر ، فذكر لهم تلك القصة ، فوجدوها مطابقة لما في التوراة ، وحينئذ فهي من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم ، حيث قص عليم تلك القصة بأبلغ وجه ، مع كونه لم يسبق له تعلم من أحد ، ولا قرأ ولا كتب .