Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 86-88)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { قَالَ } ( لهم ) أي جواباً لقولهم . قوله : { أَشْكُو بَثِّي } البث تفريق الحزن واظهاره ، لأن الإنسان إذا ستر الحزن وكتمه كان هماً ، وإذا ذكره لغيره كان بثاً ، فالبث أشد الحزن وهذه المقالة قالها لجبريل عليه السلام ، لما ورد أنه كان ليعقوب شخص مواخ له ، فقال له ذات يوم : يا يعقوب ما الذي أذهب بصرك ، وما الذي قوس ظهرك ، قال : أما الذي أذهب بصري ، فالبكاء على يوسف ، وأما الذي قوس ظهري ، فالحزن على بنيامين ، فأتاه جبريل فقال له : يا يعقوب ، إن الله يقرئك السلام ويقول لك : أما تستحي أن تشكو إلى غيري ؟ فقال : { إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى ٱللَّهِ } فقال جبريل : الله أعلم بما تشكو ، وإنما عوتب يعقوب بهذا ، لأن حسنات الأبرار سيئات المقربين ، لأن العتاب على قدر المرتبة . قوله : { وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أي من رحمته وإحسانه قوله : ( وهو حي ) أي لما روي أن ملك الموت زار يعقوب ، فقال له يعقوب : أيها الملك ، الطيب ريحه ، الحسن صورته ، الكريم على ربه ، هل قبضت روح ابني يوسف ؟ قال : لا ، فطابت نفس يعقوب وطمع في رؤيته . قوله : { يٰبَنِيَّ ٱذْهَبُواْ } إلخ ، سبب تلك المقالة ، أن أولاده لما أخبروه بسيرة ملك مصر ، وكمال حاله في جميع أقواله وأفعاله ، أحست نفس يعقوب ، وطمع أن يكون هو يوسف ، فعند ذلك قال : { يٰبَنِيَّ } إلخ . قوله : { فَتَحَسَّسُواْ } هو بالحاء المهملة ، طلب الخير بالحاسة والتجسس بمعناه ، روي أن يعقوب حين أمر أولاده أن يذهبوا ليأتوا بخبر يوسف وأخيه ، كتب لهم كتاباً إلى يوسف ، لما حبس عنده بنيامين ، من يعقوب اسرائيل الله ، ابن اسحاق ذبيح الله ، ابن ابراهيم خليل الله ، إلى ملك مصر ، أما بعد ، فإنا أهل بيت وكل بنا البلاء ، أما جدي ابراهيم ، فشدت يداه ورجلاه وألقي في النار ، فصبر لأمر الله ، وأما عمي اسماعيل فابتلي بالغربة في صغره ، فصبر لأمر الله ، وأما أبي اسحاق ، فابتلي بالذبح ووضع السكين على قفاه ، ففداه الله ، وأما أنا فكان لي ابن ، وكان أحب أولادي إلي ، فذهب به إخوته إلى البرية ، ثم أتوني بقميصه ملطخاً بالدم وقالوا : قد أكله الذئب فذهبت عيناي ، ثم كان لي ابن آخر ، وكان أخاه من أمه ، فكنت أتسلى به ، وأنك حبسته وزعمت أنه سرق ، وإنا أهل بيت لا نسرق ولا نلد سارقاً ، فإن رددته إلي ، وإلا دعوت عليك دعوة تدرك السابع من ولدك ، فلما قرأ يوسف كتاب أبيه ، اشتد بكاؤه وقل صبره ، وأظهر نفسه لإخوته . قوله : { وَأَخِيهِ } لم يقل وأخويه لأنه كان يعلم أن الثالث مقيم بمصر ، فلم يخف عليه حاله . قوله : ( اطلبوا خبرهما ) أي بالجلسة ، كما أن التجسس طلب الخبر بالحاسة أيضاً ، فهما بمعنى واحد ، ولذا قرىء هنا بالجيم شذوذاً . قوله : { مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ } بالفتح مصدر بمعنى الرحمة ، وهو في الأصل استراحة القلب من غمه ، والمعنى لا تقنطوا من راحة تأتيكم من الله . قوله : ( فانطلقوا نحو مصر ) قدره إشارة إلى أن قوله : { فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ } مرتب على محذوف . قوله : ( مدفوعة ) أي مردودة . قوله : ( وكانت دراهم زيوفاً ) أي معيبة . قوله : ( أو غيرها ) أو لتنويع الخلاف ، فقيل كانت نعالاً ، وقيل صوفاً . قوله : { فَأَوْفِ لَنَا ٱلْكَيْلَ } أي أعطنا ما كنت تعطينا من قبل بالثمن الجيد ، فإنا نريد أن تقيم لنا الناقص مقام الزائد . قوله : ( بالمسامحة ) وقيل برد أخينا بنيامين . إن قلت : إن ما فعلوه خلاف ما أمرهم به أبوهم ، من التحسس من يوسف وأخيه ، أجيب : بأن أبواب التحسس كثيرة وهذا منها ، لأن الاعتراف بالعجز ، وضيق اليد وشدة الحاجة ، مما يرقق القلب ، فإن كان يوسف فسيظهر لهم حاله ، لحصول الرقة والعطف منه لهم ، وإن كان غيره فلا يرق ولا يعطف . قوله : ( ورفع الحجاب ) إلخ ، قيل هو اللثام الذي كان يتلثم به ، وقيل هو الستر الذي كان يكلمهم من خلفه ، وقيل هو تاج الملك الذي كان يضعه على رأسه ، وكان له في قرنه علامة تشبه الشامة ، وكان ليعقوب مثلها ، ولسارة مثلها ، فعرفوه بها .