Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 31-31)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : ( ونزل لما قالوا ) أي كفار مكة منهم : أبو جهل وعبد الله بن أمية ، جلسوا خلف الكعبة ، وأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأتاهم ، وقيل : إنه مر بهم وهم جلوس ، فدعاهم إلى الله ، فقال عبد الله بن أمية : إن سرك أن نتبعك ، فسير جبال مكة بالقرآن فادفعها عنا حتى تفسح ، فإنها أرض ضيقة لمزارعنا ، واجعل لنا فيها أنهاراً وعيوناً ، لنغرس الأشجار ونزرع ونتخذ البساتين ، فلست كما زعمت بأهون على ربك من داود ، حيث سخر له الجبال تسير معه ، أو سخر لنا الريح لنركبها إلى الشام لميرتنا وحوائجنا ونرجع في يومنا ، كما سخرت لسليمان الريح كما زعمت ، فلست أهون على ربك سليمان ، وأحي لنا جدك قصياً ، فإن عيسى كان يحيي الموتى ، ولست بأهون على الله منه ؛ فنزلت هذه الآية . قوله : { أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ ٱلأَرْضُ } أي من خشية الله عند قراءته ، فجعلت أنهاراً وعيوناً ، قوله : ( لما آمنوا ) جواب لو ، والمعنى لو فعل الله ما ذكر وأجابهم ، لم يحصل منهم إيمان ، لأن الله على علم عدم هداهم . قوله : { بَل للَّهِ ٱلأَمْرُ جَمِيعاً } أي القدرة على كل شيء ، وهو إضراب عما تضمنته الجملة الشرطية من معنى النفي ، والمعنى بل الله قادر على الإتيان بما اقترحوه ، إلا أن إرادته لم تتعلق بذلك ، لعلمه بأنهم لا يؤمنون . قوله : ( وإن أوتوا ما اقترحوه ) أي اعطوا ما طلبوه . قوله : ( لما أراد الصحابة ) إلخ ، أي فقالوا : يا رسول الله إنك مجاب الدعوة ، فاطلب لهم ما اقترحوا ، عسى أن يؤمنوا . قوله : ( يعلم ) يطلق اليأس على العلم في لغة هوازن ونخع لتضمنه معناه ، فإن الآيس من الشيء عالم بأنه لا يكون . قوله : { أَن } ( مخففة ) أي واسمها ضمير الشأن ، وجملة { لَّوْ يَشَآءُ } إلخ ، خبر أن . قوله : { لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِيعاً } أي ولكن لم يفعل ذلك لعدم تعلق مشيئته باهتدائهم . إن قلت : لم لم يجب الله نبيه بعين ما طلبوا ، كما أجاب صالحاً في الناقة ، وعيسى في المائدة ، مع علمه بأنهم لا يؤمنون ؟ أجيب : بأنه جرت عادة الله في عباده الكفار ، أنهم متى طلبوا شيئاً من المعجزات ، وعاهدوا نبيهم على الإيمان عند مجيئها ولم يؤمنوا ، أنه يهلكهم ويقطع دابرهم عن آخرهم ، وقد أراد الله إبقاء هذه الأمة المحمدية ، وعدم استئصالها بالهلاك ، إكراماً لنبيها ، فلم تحصل الإجابة بعين ما طلبوا رحمة بهم وإكراماً لنبيهم . قوله : { وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } إخبار من الله لنبيه بالنصر المرتب على صبره ، وقوله : ( تصيبهم ) خبر يزال . قوله : ( بصنعهم ) أشار بذلك إلى أن ما مصدرية تسبك ما بعدها بمصدر ، والباء سببية أي بسبب صنعهم . قوله : { قَارِعَةٌ } التنوين للتنكير ، إشارة إلى أنها ليست مخصوصة بشيء معين ، بل هي عامة في كل ما يهلكهم . قوله : ( تقرعهم ) أي تهلكهم . قوله : { أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً } معطوف على قارعة ، والمعنى تصيبهم بما صنعوا قارعة ، أو حلولك قريباً من دارهم ، والعطف يقتضي المغايرة فالمراد بالقارعة غير حلوله ، وإن كان من أعظم القوارع ، وهذا تسلية له صلى الله عليه وسلم ، والمعنى اصبر فإنك منصور ومؤيد ، وهم مخذولون ، فإن الدواهي مسلطة عليهم . قوله : { قَرِيباً } أي مكاناً قريباً وهو الحديبية . قوله : ( بالنصر عليهم ) أي بفتح مكة . قوله : ( وقد حل بالحديبية ) أي مرتين : الأولى سنة ست حين أراد العمرة وبعث عثمان ، وقد صدوا النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين عن البيت ، فصالح الكفار النبي على ان يمكنوه من الدخول في السنة السابعة ، فدخلها واعتمر ، والثانية سنة ثمان ، حين أراد فتح مكة ، فإنه حل بها هو وجيشه ، وأمرهم أن يتفرقوا ويوقد كل شخص ناراً على حدة إرهاباً للعدو ، ففي صبيحتها حصل الفتح العظيم ودخلوا مكة .