Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 36-38)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ } أي التوراة والإنجيل ، فأل في الكتاب للجنس . قوله : ( من مؤمني اليهود ) أي ومؤمني النصارى ، كأهل نجران والحبشة واليمن ، فإنهم كانوا إذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ، فاضت أعينهم دموعاً ، كما تقدم في المائدة . قوله : ( لموافقته ما عندهم ) أي في التوراة والإنجيل . قوله : { مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ } أي فكانوا إذا سمعوا شيئاً يوافق هواهم سلموه وأقروا به ، وإذا خالف هواهم أنكروه ، فمثل القصص لا ينكرونها ، ومثل الدعاء إلى التوحيد ينكرونه . قوله : ( كذكر الرحمن ) أي بالنسبة إلى مشركي العرب ؛ وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كتب لهم كتاب الصلح يوم الحديبية قال فيه : بسم الله الرحمن ، قالوا : وما نعرف الرحمن ، إلا رحمن اليمامة ، يعنون مسيلة الكذاب ، لقول بعضهم مادحاً له : @ سميت بالمجد يا ابن الأكرمين أباً وأنت غير الورى لا زلت رحمانا @@ وقد هداه بعض الصحابة بقوله : @ سميت بالخبث يا ابن الأخبثين أباً وأنت شر الورى لا زلت شيطانا @@ قوله : { أَعْبُدَ ٱللَّهَ } أي أوحده . قوله : { إِلَيْهِ أَدْعُو } أي إلى عبادته وشريعته . قوله : ( مرجعي ) أي في الآخرة . قوله : { وَكَذٰلِكَ } مثل إنزال الكتب السابقة . قوله : { حُكْماً عَرَبِيّاً } حالان من الضمير في أنزلناه ، والمعنى أنزلناه حاكماً بين الناس بلغة العرب ، وأسند الحكم له لأنه ترجمان عن الله ، فطاعته طاعة الله . قوله : ( فيما يدعونك إليه من ملتهم ) أي كقولهم له اعبد آلهتنا سنة ، ونعبد إلهك سنة ، وكالصلاة إلى بيت المقدس بعد ما حولت عنه . قوله : ( فرضاً ) أي على سبيل الفرض والتقدير ، والمقصود تحذير من يجوز عليه اتباع الهمى ، لأن المعصوم إذا خوطب بمثل ذلك ، وكان المقصود غيره . قوله : { وَلاَ وَاقٍ } أصله واقي ، استثقلت الكسرة على الياء فحذفت فالتقى ساكنان ، حذفت الياء لالتقائهما . قوله : ( لما عيروه بكثرة النساء ) أي حيث قالوا : لو كان مرسلاً حقاً ، لكان مشتغلاً بالزهد وترك الدنيا والنساء ، فرد الله تعالى عليهم مقالتهم بقوله : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا } إلخ ، فقد كان لسليمان ثلاثمائة امرأة حرة وسبعمائة سرية ، وكان لأبيه داود مائة امرأة ، ومع ذلك فلم يقدح في نبوتهما ، فكيف يجعلون ذلك قادحاً في نبوتك ، واعلم أن القوم كانوا يذكرون أنواعاً من الشبهات في إبطال النبوة ، فالشبهة الأولى قولهم : ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ، وسيأتي ذكره في الفرقان . الثانية قولهم : رسول الله إلى الخلق ، لا بد وأن يكون من جنس الملائكة ، كما قالوا { لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ } [ الأنعام : 8 ] ، وقالوا : { لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِٱلْمَلائِكَةِ } [ الحجر : 7 ] ، وستأتي أيضاً . الثالثة قولهم : لو كان رسولاً من عند الله لما اشتغل بالنساء ، . فأجاب الله بقوله : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ } الآية . الرابعة قولهم : لو كان رسولاً من عند الله ، لكان أي شيء طلبناه من المعجزات أتى به . فأجاب تعالى بقوله : { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } الآية . الخامسة قولهم : لو كان رسولاً ما أوعدنا به من نزول العذاب . فأجاب الله تعالى بقوله : { لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ } أي لكل حادث وقت معين ، لا يتأخر عنه ولا يتقدم عليه . السادسة قولهم : لو كان صادقاً ، ما نسخ الأحكام التي هي ثابتة في التوراة والإنجيل ، وما نسخ بعض الأحكام التي جاء بها . فأجاب الله تعالى عنه بقوله : { يَمْحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ } [ الرعد : 39 ] . قوله : { وَذُرِّيَّةً } أي وقد كان لرسول الله سبعة أولاد ثلاثة ذكور وأربع إناث ، وترتيبهم في الولادة هكذا : القاسم فزينب فرقية ففاطمة فأم كلثوم فعبد الله فإبراهيم ، وكلهم من خديجة إلا إبراهيم فمن مارية القبطية ، وكلهم ماتوا في حياته إلا فاطمة فماتت بعده بستة أشهر . قوله : { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ } إلخ ، أي لم يجعل الله للرسول الإتيان بآية مما اقترحه قومه إلا بإرادته تعالى . قوله : ( مربوبون ) أي مقهورون مغلبون . قوله : { لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ } رداً لاستعجالهم العذاب ، فإنه كان يخوفهم بذلك ، فاستعجلوه عناداً .