Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 5-8)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَإِن تَعْجَبْ } بإدغام الباء في الفاء وبتحقيقها قراءتان سبعيتان ، والعجب استعظام أمر خفي سببه . قوله : ( من تكذيب الكفار لك ) أي مع كونك كنت مشهوراً بينهم بالأمانة والصدق ، فلما جئت بالرسالة كذبوك . قوله : { فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ } لا بد هنا من صفة محذوفة لتتم الفائدة ، والتقدير فعجب عظيم أو أي عجب ، وعجب خبر مقدم ، وقولهم مبتدأ مؤخر . قوله : ( منكرين للبعث ) حال من الضمير في { قَوْلُهُمْ } . قوله : { أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً } هذه الجملة في محل نصب مقول القول وهو أحسن ما يقال . قوله : ( لأن القادر ) إلخ ، تعليل لقوله : { فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ } . قوله : ( وما تقدم ) أي من رفع السماوات بغير عمد ، وتسخير الشمس والقمر ، وغير ذلك من الأمور المتقدمة . قوله : ( قادر على إعادتهم ) أي لأنه إذا تعلقت قدرته بشيء كان ، فلا فرق بين الابتداء والإعادة ، وأما قوله تعالى : { وَهُوَ أَهْوَنُ } [ الروم : 37 ] ، فذلك باعتبار عادة المخلوقات ، أن القادر على الابتداء ، تسهل عليه الإعادة بالأولى ، وإلا فالكل في قدرته تعالى سواء . قوله : ( وفي الهمزتين في الموضعين ) إلخ ، من هنا إلى قوله : ( وتركها ) أربع قراءات . قوله : ( وفي قراءة بالاستفهام في الأول ) إلخ ، وفي ذلك ثلاث قراءات ، تحقيق الهمزتين من غير إدخال ألف بينهما ، وتحقيق الأولى وتسهيل الثانية ، مع إدخال ألف بينهما وبدونها ، وقوله : ( وأخرى عكسه ) قراءتان التحقيق مع الألف ودونها ، ولا يجوز تسهيل الثانية ، فتكون القراءات تسعاً وكلها سبعية ، واختلف القراء في هذا الاستفهام المكرر اختلافاً منتشراً ، وهو في أحد عشر موضعاً ، في تسع سور من القرآن ، فأولها في هذه السورة . والثاني والثالث في الإسراء بلفظ واحد { أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً } [ الإسراء : 79 ] . والرابع في المؤمنون : { أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } [ المؤمنون : 82 ] . والخامس في النمل { أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً وَآبَآؤُنَآ أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ } [ النمل : 67 ] . والسادس في العنكبوت { إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ } [ العنكبوت : 28 - 29 ] . والسابع في الم السجدة : { أَءِذَا ضَلَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ أَءِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } [ السجدة : 10 ] . والثامن والتاسع في الصافات { أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } [ الصافات : 16 ] . { أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَءِنَّا لَمَدِينُونَ } [ الصافات : 53 ] . والعاشر في الواقعة : { أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } [ الواقعة : 47 ] . والحادي عشر في النازعات : { أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي ٱلْحَافِرَةِ * أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً } [ النازعات : 10 - 11 ] . والوجه في الاستفهام في الموضعين ، أن الأول للإنكار ، والثاني تأكيد ، والوجه في كونه في موضع واحد ، حصول الإنكار به ، وإحدى الجملتين مرتبطة بالأخرى ، فإذا أنكر في إحداهما ، حصل الإنكار في الأخرى . قوله : { ٱلأَغْلاَلُ } جمع غل ، وهو طوق من حديد يجعل في أعناقهم . قوله : { أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } أي لا محيص لهم عنها ، فهم ملازمون لها ، كالصاحب الملازم لصاحبه . قوله : ( ونزل في استعجالهم العذاب ) أي وذلك أن مشركي مكة ، كانوا يطلبون تعجيل العذاب استهزاء حيث يقولون : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك ، فأمطر علينا حجارة من السماء ، أو ائتنا بعذاب أليم . قوله : { قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ } أي وهو تأخير العذاب عنهم . قوله : { وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ } الجملة حالية . قوله : ( جمع المثلة ) بفتح الميم وضم المثلثة ، أي وهي النقمة تنزل بالشخص ، فجعل مثلاً يرتدع به غيره ، قوله : ( بوزن السمرة ) أي وهو شجرة الطلح أي الموز . قوله : { لَذُو مَغْفِرَةٍ } المراد بها ستر الذنوب وعدم المؤاخذة بها حالاً ، بل يؤخر الأخذ بها ، فإن تاب الشخص ورجع ، دام ذلك الستر عليه ، وإلا أخذه أخذ عزيز مقتدر . قوله : { عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ } الجملة حالية ، أي والحال أنهم ظالمون لأنفسهم بالمعاصي . قوله : ( لمن عصاه ) أي ودام على ذلك ، فرحمة الله في الدنيا غلبت غضبه لجميع الخلق مؤمنهم وكافرهم ، وأما في الآخرة فقد انفردت رحمته للمؤمنين خاصة . قوله : { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاۤ } أي تعنتاً . قوله : ( هلا ) أشار بذلك إلى أن لولا للتحضيض . قوله : ( كالعصا واليد ) أي وغير ذلك مما اقترحوا ، قال تعالى حكاية عنهم : { وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً } [ الإسراء : 90 ] . الآية . قوله : { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ } أي ليس عليك إلا الإنذار بما أوحي اليك ، لأنهم معاندون كفار ، ليس قصدهم بذلك الإيمان ، بل التعنت في الكفر . قوله : { وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } الجملة مستأنفة ، وهاد بإثبات الياء وحذفها في الوقت ، وبحذفها في الوصل لا غير ، ثلاث قراءات سبعية ، وأما في الرسم فهي محذوفة . قوله : { ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ } أي لأنه الخالق المصور ، فلا تخفى عليه خافية ، ويعلم عرفانية متعدية لواحد ، وما اسم موصول مفعوله والعائد محذوف . قوله : ( وغير ذلك ) أي من أوصاف الحمل ، من كونه أبيض أو أسود ، قصيراً أو طويلاً ، سعيداً أو شقياً ، قوياً أو ضعيفاً . قوله : ( تنقص ) { ٱلأَرْحَامُ } ( من مدة الحمل ) أي المعتادة وهي تسعة أشهر ، فهو يعلم الحمل الناقص عن تلك المدة ، وقوله : { وَمَا تَزْدَادُ } أي وما تزيد ، فهو يعلم الناقص عن تلك المدة والزائد عليها ، لا يخفى عليه شيء من أوقات الحمل ولا من أحواله ، وقيل النقصان السقط ، والزيادة زيادتها على تسعة أشهر ، وأقل مدة الحمل ستة أشهر ، وقد يولد لهذه المدة ويعيش . قوله : { وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } هذا أعم مما قبله ، فالشيء يشمل الحمل وغيره ، من أفعال العباد وأحوالهم وخواطرهم ، فقد دبر سبحانه وتعالى العالم بأسره على طبق ، ما تعلقت به قدرته وإرادته ، ولا يعجزه شيء ، ولا يشغله شأن عن شأن قال تعالى : { مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ } [ لقمان : 28 ] فينبغي للإنسان أن لا يدبر لنفسه شيئاً ، ولا يشتغل بشيء تكفل به غيره ، بل يعتمد على من يدبر الأمور ، ويفوض له أحواله ، ويترك الأوهام التي حجبت القلوب عن مطالعة الغيوب . قوله : ( بقدر وحدّ لا يتجاوزه ) أي لا يتخلف شيء عن الحد الذي قدره الله له ، من سعادة وشقاوة ورزق وغير ذلك .