Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 25-28)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { كُلَّ حِينٍ } اختلف في مقداره ، فقيل الحين كل سنة ، لأن النخلة تثمر في كل سنة مرة ، وقيل ستة أشهر ، لأنه من وقت طلعها إلى طيبها كذلك ، وقيل ثمانية أشهر ، لأن حملها ظاهراً وباطناً كذلك ، وقيل أربعة أشهر ، لأنه من حين ظهورها إلى إدراكها كذلك ، وقيل شهران ، لأنه من وقت أكلها إلى قطع ثمرها كذلك ، وقيل كل وقت ، لأن ثمر النخل يؤكل دائماً ، فيؤكل منها الطلع والبلح والبسر الرطب والتمر ، وهو الأولى . قوله : ( وعمله يصعد إلى السماء ) قال تعالى : { إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ } [ فاطر : 10 ] ووجه الشبه بين الإيمان والشجرة ، أن الشجرة لها عرق راسخ وفرع عال وثمر يؤكل ، الإيمان تصديق بالقلب ، وقول باللسان ، وعمل بالأبدان ، فإذا أكثر الإسنان من ذكر هذه الكلمة ، ظهرت عليه أنوارها ، ولمعت في فؤاده أسرارها ، فدام نفعه بها في العاجل والآجل ، ومن هنا اختص الصوفية بها ، بمعنى أنهم تلقوه عن أشياخهم بالسند المتصل وتعلقوا بها ، فصارت شعارهم ودثارهم ، ولذا قال السنوسي : فعلى العاقل أن يكثر من ذكرها مستحضراً ، لما احتوت عليه من المعاني ، حتى تمتزج مع معناها بلحمه ودمه ، فإنه يرى لها من الأسرار والعجائب ، ما لا يدخل تحت حصر . قوله : ( هي كلمة الكفر ) أي كل ما يدل عليه . قوله : ( هي الحنظل ) حكمة التشبيه بها ، أنها لا تغوص في الأرض ، بل عروقها في وجه الأرض ، ولا غصون لها تصعد إلى جهة السماء ، بل ورقها يمتد على الأرض كشجر البطيخ ، وثمرها رديء ، وتسميتها شجراً مشاكلة ، لأنها من النجم لا من الشجر ، لأن الشجر ما له ساق ، والنجم ما لا ساق له . قوله : اجتثت أي قلعت جثتها ، والمعنى على الشبيه ، أي كأنها لعدم ثبات أصلها وامتداد في الأرض ، كالشيء المقلوع جثته . قوله : { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } هذا راجح للمثل الأول . قوله : { فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } أي فلا يتزلزلون عن الدين إذا ابتلوا بالمصائب ، كالقتل ، وأخذ المال ، وفقد الأحباب ، والفتنات عند الممات ، وغير ذلك ، وهذه بشرى للمؤمنين ، بأن إيمانهم ثابت في قلوبهم ، لا يتزلزل أبداً بل يثبتهم الله دنيا وأخرى . قوله : ( أي في القبر ) خصه بالذكر ، لأنه بعد سؤاله لا يفتنون في التوحيد ، وإنما يكون حسابهم في الموقف على فروع الدين . قوله : ( لما يسألهم الملكان ) أي حين يحيي الله الميت ، حتى يسمع قرع من كان ماشياً في جنازته ، فيقعدانه ويقولان له : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فأما المؤمن فيقول : ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم ، فيقولان له : نم نومة العروس ، قد علمنا إن كنت لموقناً ، وأما الكافر أو المنافق فيقول : لا أدري ، كنت أسمع الناس يقولون شيئاً فقلت مثل ما يقولون ، فيضربانه بمطراق من نار ، فيصيح صيحة يسمعه من في الأرض غير الثقلين ، ويقولان له : لا دريت ولا تليت . قوله : { وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ } أي يحكم لا معقب لحكمه ، وهو جواب عن سؤال مقدر تقديره : لم هدى هؤلاء ، وأضل هؤلاء ؟ فأجاب : بأنه يفعل ما يشاء ، فلا يسأل عما يفعل . قوله : { أَلَمْ تَرَ } استفهام تعجيب ، وهو خطاب لرسول الله ولكل عاقل . قوله : ( أي شكرها ) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف . قوله : ( هم كفار قريش ) أي فنعم الله التي بدلوا شكرها كفراً ، كون نسبهم أشرف الأنساب ، وبلدهم أشرف البلاد ، وكون الخلق تسعى إليهم ولا يسعون ، فبدلوا ذلك ، حيث كذبوا خير الخلق ، وعبدوا الأصنام . قوله : { قَوْمَهُمْ } أي أتباعهم . قوله : { دَارَ ٱلْبَوَارِ } يقال بار يبور بواراً بالضم هلك ، وبار الشيء بواراً كسد ، فأطلق اللازم وأريد الملزوم ، لأنه يلزم من الكساد والهلاك .