Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 10-12)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { هُوَ ٱلَّذِي أَنْزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ مَآءً } لما ذكر سبحانه وتعالى منته على بني آدم بخلق الحيوانات الخاصة بهم ، أعقبه بذكر نعمه عامة لكل الحيوانات ، آدميين وغيرهم ، وهي إنزال الماء من السماء ، الناشىء عنه النباتات ، التي ينتفع بها جميع الحيوانات . قوله : { لَّكُم } الجار والمجرور صفة لماء ، وقوله : { مِّنْهُ شَرَابٌ } مبتدأ وخبر . إن قلت : إنه ليس خاصاً ببني آدم ، بل هو عام لكل حيوان . أجيب : بأن بني آدم هم المقصودون بالذات ، وغيرهم بالتبع ، والضمير في { مِّنْهُ } عائد على الماء ، أي تشربون من ماء السماء . إن قلت : إن غالب الشرب ، يكون من السحاب والأنهار والعيون ، وهي بالأرض . أجيب : بأن أصل الماء الكائن في الأرض من السماء ، لقوله تعالى { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّٰهُ فِي ٱلأَرْضِ } [ المؤمنون : 18 ] . قوله : { وَمِنْهُ شَجَرٌ } المراد بالشجر هنا مطلق النبات ، سواء كان له ساق أم لا . قوله : ( ينبت بسببه ) أشار بذلك إلى أن من الثانية للسببية ، وأما الأولى فهي ابتدائية . قوله : { يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ ٱلزَّرْعَ } المراد به الحب الذي يقتات ، وقدمه لأن به قوام البدن ، وثنى بالزيتون لأنه إدام ودهن ، وثلث بذكر النخيل لأنه غذاء وتفكه ، وأخر الأعناب لأنها تشبه النخيل في ذلك . قوله : { وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ } عطف عام على خاص . قوله : ( المذكور ) أي من إنزال الماء وإنبات النبات قوله : { لآيَةً } ذكر لفظ الآية في هذه السورة سبع مرات ، خمس بالأفراد ، واثنتان بالجمع . والحكمة في ذلك : أن ما جاء بلفظ الأفراد . باعتبار المعلول الذي هو وحدانية الحق ، وما جاء بلفظ الجمع ، فباعتبار الدليل ، فإن في كل شيء آية تدل على أنه الواحد . قوله : { وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلْنَّهَارَ } لما ذكر النعم الكائنة في العالم السفلي ، أعقبه بذكر النعم الكائنة في العالم العلوي ، وكل ذلك لنفع العالم وتمام نظامه . قوله : ( بالنصب ) أي ففي الشمس والقمر والنجوم ومسخرات ، قراءتان سبعيتان ، الرفع والنصب . قوله : { مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ } أي مذللات بإرادته ، فهو سبحانه وتعالى ، المؤثر في العالم العلوي والسفلي ، فلا تتحرك ذرة في الدنيا ، ولا تسكن إلا بتأثير الله فيها ، وإنما هذه الأشياء أسباب عادية ، يوجد النفع عندها لا بها ، ففي هذه الآية رد على القائلين : إن العالم العلوي ، هو المؤثر في العالم السفلي ، بطبع أو علة . قوله : ( بالنصب حال ) أي مؤكدة لعاملها ، وهو سخر . قوله : { لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } عبر هنا بالعقل ، إشارة إلى أن العالم العلوي مغيب عن الأبصار ، فيحتاج المتأمل فيه لمزيد العقل بخلاف العالم السفلي فهو مشاهد ، فيكفي فيه أدنى تأمل وتعقل ، والأسلم أن يقال : إن التغاير في هذا وما قبله وما بعده ، تفنن في التعبير ، دفعاً للثقل ، وإشارة إلى أن من اتصف بواحد منها ، فقد اتصف بجميعها .